البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب المفعول المطلق وهو المصدر

صفحة 190 - الجزء 1

  حِمارُكَ أَحْسَنُ الخَيْلِ؛ لأنَّهُ لَيْسَ من الخَيْلِ، وتقولُ: فَرَسُكَ أَحْسَنُ الخيل؛ لأنَّ الفرس منها، فَلَمَا أَضَفْتَ (أَحْسَنَ) و (أَشَدَّ) إلى المصدر صار بعض المصدر فَنَصَبْتَهُ على أنه مصدر.

  ومما ينتصب على المصدر قولهم: ضربته عشرينَ سَوْطًا وَخَشْبَةً، التَّقْدِيرُ ضَرَبْتُهُ عشرينَ ضَرْبَةً بِسَوْطِ، فَحَذَفت المصدر والباء، وأقمت السوط مقامه. وكذلك قولهم: ضَرَبْتُهُ ضَرْبَ الأميرِ اللّص، فَـ (ضَرْبُ الأميرِ) يَنْتَصِب على حذف الموصوف والصفة وإقامة المضاف إليه مقامه، والتَّقدير: ضربتُهُ ضَرْبًا مثل ضرب الأمير، فحذفت ضربًا والمِثْلَ وأَقَمْتَ (الضَّرْبَ) - وكان مجرورا - مَقامَ المِثْلِ فَانْتَصَبَ، ولولا ذلِكَ لَمْ يَصِحَ؛ لأنَّكَ لَا تَضْرِبُ ضَرْبَ غَيْرِكَ.

  ومما ينتصب على المصدر قولهم: أتاني مشيا /، التقدير: أتاني يمشي مَشْيا. وكذلكَ: لَقيتُهُ مُكافحةً⁣(⁣١) وفُجَاءَةً، وقَتَلْتُهُ⁣(⁣٢) صَبْرًا، وَأَتَيْتُهُ عَدْوا، وأَحْدَ ذلك عنْهُ سَمْعًا.

  قال: «وتقولُ: إِنَّهُ لَيُعْجِبُني حُبًّا شَدِيدًا، لأنَّ (أعجبتني) و (أحببته) في معنى واحد، قال الشاعر⁣(⁣٣):

  ٥٤ - يُعْجِبُهُ السَّخونُ والبَرودُ

  والتمر حبًّا مالَهُ مَزيدُ


(١) مكافحة: مفاجأة ومواجهة / اللسان (كفح) /.

(٢) في الأصل: (قتله)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٣) هو رؤبة بن العجاج.

٥٤ - البيتان من مشطور الرجز. انظر ملحقات ديوانه: ١٧٢، وأمالي ابن الشجري: ٢/ ١٤١، وابن يعيش: ١/ ١١٢ والمقاصد: ٣/ ٤٥، والأشموني: ٢/ ١١٣، واللسان: (سخن) والرواية فيه: (يعجبه السخون والعصيد).