باب المفعول به
  قال: «فإذا تقَدَّمت هذه الأفعال لم يكن بد من إعمالها، تقول: ظَنَنْتُ زيداً كريما. فإن توسطت بين المبتدأ وخبره كُنتَ في إعمالها وإلغائها مُخَيْراً، تقول في الإعمال: زيداً أظُنُّ قائما، وفي الإلغاء: زيد - أظُنُّ - قائم، قال الشاعر(١):
  ٦٠ - أَبِالأَراجيز يا ابْنَ(٢) النُّوْمِ تَوعِدُني ... وفي الأَراجيز - خِلْتُ اللَّوْمُ وَالخَوَرُ
  فإن تأخرت اختير إلغاؤها، وجاز إعمالُها، تقول: زيد قائم ظَنَنْتُ. وإن(٣): قُلْتَ: زَيْدًا قائمًا ظَنَنْتُ جَازَ».
  اعلم أن هذه الأفعال إذا وقعت أولاً دلّ ذلك على قوة العناية بها فلا يجوز إلغاؤها؛ لأنَّها [قَدْ](٤) قَوِيتْ على العمل فتكون بمنزلة ضَرَبَ / زَيْدٌ عَمْراً، لا بُدَّ من نَصبِ (عَمْرو) لوقوع الفعل عليه.
  فأما إذا توسطت فَأَنْتَ مُخَيَّرٌ بين إعمالها وإلغائها. فَمَن أَعْمَلَهَا اعْتَقَدَ أَنَّهَا
(١) هو اللعين المنقري.
٦٠ - البيت من البسيط من أبيات يهجو بها رؤبة بن العجاج وهو من شواهد سيبويه: ١/ ٦١. وانظر الأصول: ١/ ٢٢٠، والإيضاح: ١٣٥ والحيوان للجاحظ: ٤/ ٢٦٧ والرواية فيه: (وفي الأراجيز جَلْبُ اللؤم والكسل) وعليها يفوت موضع الاستشهاد والتبصرة: ١/ ١١٧، وابن يعيش: ٧/ ٨٤، ٨٥، والمقاصد: ٢/ ٤٠٤ وعجزه في أوضح المسالك: ٢/ ٨٥، والهمع: ١/ ١٥٣.
(٢) في الأصل رسمت: (يَبْنَ)، بإسقاط الهمزة من الرسم كما تسقط من النطق في الوصل.
(٣) في الأصل: (وإن أعملت قلت) بإقحام (أعملت)، وما أثبته من (ع) و (مل).
(٤) زيادة من (ع).