باب التمييز
  ثم يُحذف اسم الفاعل ويُقامُ العشرونَ مُقامَهُ. فأما ما فيه تَنْوين فهوَ ما يَنتَصبُ بعد تمام الاسم، وهو على ثلاثةِ أَضْرُب: ممسوح، ومكيل، ومورون. فالممسوح نحو قولهم: ما في ثوبِهِ مَصَرُ دِرْهَم نسيجاً، وما في السَّمَاءِ قَدْرُ راحة سحابا، وما أشبه ذلك. والمكيلُ: راقود خلا. والموزونُ: مَنَوانِ سَمْنًا. فهذا جميعه تَنْصِبُ ما بعده، كما تنصب ما بعد العشرين؛ لأنَّ التَّنوين والنون بمثابة واحدة. وعلى هذا المذهب: لي مثلهُ رجُلاً؛ لأنَّ (مِثْلَهُ) شائع في أشياء / كما أن (الراقود) مكيال لِكُلِّ شَيْءٍ يُكال. فإذا قلت: خلا، فقد بينت هذا الجنس، وكذلك إذا قلت: لي مثْلُهُ رَجُلاً، فقد بينتهُ من غيره، وكذلك: لله دره فارسا، وأَكْرِمْ بِهِ عَالِماً.
  قال: «ومن المنصوب على التمييز قولُكَ: طبتُ به نَفْسًا، وضقت به ذرعا، وعلى الثمرة مثلها زبداً، وهذا راقود خلاً، وحسبُكَ به فارسا، ولله دركَ شُجاعًا. فلا بد في جميع التمييز من معنى (مِنْ)؛ أي: مِنْ شُجاع، ومن فارس، ونحو ذلك».
  اعلم أن التمييز هو ما قدرت فيه (من)، وقد مضى ذلك. كما أن الحال ما يُقَدِّرُ فيها (في)(١). وإِنَّما احتجت إلى تقدير (من) في التمييز؛ ليكونَ فَرْقًا بَيْنَهُ وبين الحال، ألا ترى أنَّكَ إِذا قلت: أَكْرِمُ به فارسا، وحسبك به خطيبا، جاز أن تكون في هذه الحال(٢)، فأَدْخَلْتَ (مِنْ)؛ لتفرق بينهما؛ وليُعْلَمَ أَنَّهُ تَمييز، قال
(١) انظر ما سلف ص ٢١٨ الحاشية رقم (٢).
(٢) ضبطت (الحال) في الأصل و (ع) بالكسر، والصواب بالرفع؛ لأنها اسم (كان) مؤخراً، وليست بدلاً من اسم الإشارة.