البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب حروف الجر

صفحة 246 - الجزء 1

  قال: «ومعنى (إلى) الانْتِهاءُ، تقولُ: خَرَجْتُ مِنَ الكوفَةِ إِلى بَعْدادَ؛ أَي: انتهيت إلى بغداد⁣(⁣١).

  اعلم أن ما بعد (إلى) قد يجوز أن يدخُلَ في الغاية، وقد لا يدخُلُ، وهو موقوف على الدليل، كما ذكرنا في (مِنْ) فإذا قلت: لا أكلم فُلاناً إلى قدوم فلان، فقدومه داخل في الغاية. وكذلك قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}⁣(⁣٢) فلابد من دخول جزء من اللَّيْلِ قبل الإفطار، وقوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}⁣(⁣٣) منهم⁣(⁣٤) من يقولُ: إِنَّ المرافق داخلة في الغُسل، ومنهم من يقولُ: لا تَدْخُلُ⁣(⁣٥) وهي بحسب الدليل. وقوله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ٣٣}⁣(⁣٦) و⁣(⁣٧) البيت غير داخل في الغاية. فقد وضح ما ذكرتُهُ من كون ما بعد (إلى) موقوفا على الدليل.

  قال: «ومعنى (في): الوعاء والظُّرْفِيَّةُ، تقولُ: زيد في الدارِ، والمال في الكيس. ومعنى (عن): المُجاوَزَةُ⁣(⁣٨)، تقول: انْصَرَفْتُ عن زيد؛ أي: جاوَزَتُهُ إلى غيره. ومعنى (على): الاستعلاء، تقولُ: زيد على الفرس؛ أي قد رَكِبَهُ وعَلاهُ. ومعنى (رب): التقليلُ، وهي


(١) في (مل): (أي ابتدأت السير من الكوفة وانتهيت إلى بغداد).

(٢) البقرة: (١٨٧).

(٣) المائدة: (٦).

(٤) في الأصل (ومنهم) بإقحام الواو، وما أثبته من (ع).

(٥) انظر المحصول في علم أصول الفقه: ١/ ٥٣٠، وأصول السرخسي: ١/ ٢٢٠، والقواعد لابن رجب: ١/ ١٠، وشرح تنقيح الفصول: ١٠٢، والوسيط في أصول فقه الحنفية: ٥٤.

(٦) الحج: (٣٣).

(٧) الواو ليست في (ع).

(٨) في (مل) زيادة: (والانتقال).