باب حروف الجر
  مُختصة بالنَّكِراتِ(١) دون المعارفِ(٢)، تقول: رُبَّ رَجُل لَقيتُهُ(٣)، أي: ذلك قليل. وضدها (كَمْ) تقولُ: كَمْ عَبْدِ مَلَكْتَ؛ أَي: ذلكَ كَثيرٌ».
  اعلم أنَّ (في) حرف ظرف يدلُّ على الوعاء، فإذا قُلْت: المال في الكيس، فإنَّما تُريدُ أنَّ الكيس ظرف لَهُ وَوعاء. وقد يُتَّسَعُ في ذلك فيُقالُ: زيد في السوق، وعمرو في حاجَتِكَ؛ أي السوقُ مُشْتَمِلَةٌ عليه، وكذلك الحاجةُ، وَ(٤) تقولُ: زيد في عُنْفُوانِ شَبابِهِ، وعُنْفُوانِ سُلْطانِهِ؛ أي: في أوَّلِهِ تُرِيدُ أنَّ هذه الأُمورَ قَدْ أَحاطَتْ به فالمعنى وإِنْ تُوسع فيه يَرْجِعُ إِلى الوعاء.
  وأما (عَنْ) فَمعناها: ما عدا الشَّيْء، وذلك قولهُمْ: أَطْعَمَهُمُ عَنْ جوع، جعل الجوع منصرِفًا تاركًا لَهُمْ. وكذلكَ: سَقاه عن العَيْمَةِ(٥)، وَكَسَاهُ عَنِ العُرْيِ، جَعَلَهُما(٦) قد تراخيا(٧) عنه وكذلك(٨): اللَّهُمَّ اعْفُ عناء أي: تَجاوَزْ عَنْ ذُنوبنا. وتقول: أَخَذْتُ عنه حديثًا؛ أي: عدا منْهُ إِليَّ حديث. وحدثنا فُلانٌ عن فلان؛ أي: تجاوزت عن هذا إلى هذا وعن هذا إلى هذا.
(١) في (ع): (... المختصة هاهنا بالنكرات ...).
(٢) في (مل) زيادة: (والمفرد بعدها في معنى الجماعة).
(٣) (رب رجل لقيته): ساقط من (مل).
(٤) الواو: ليست في (ع).
(٥) العيمة: شَهْوَة اللبن اللسان (عيم).
(٦) في الأصل: (جعلها)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٧) في الأصل ضُبطت: (تراخيا)، وهو سهو، والتصويب من (ع).
(٨) في (ع): (وقولهم).