البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب البدل

صفحة 292 - الجزء 1

  الاشتمال. وبدلُ الغَلَط والنسيان لا يَقعُ فِي قُرآن⁣(⁣١) ولا شعر.

  اعلم أنه قد مضى أن المقصود في الكلام هو البدل دون المبدل، وإنما ذكر المبدل على طريق التأكيد؛ ولهذا إذا حذفت الأوَّلَ قامَ [الثاني]⁣(⁣٢) مقامَهُ وأَغْنى عنه. وقوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ٦ صِرَاطَ الَّذِينَ}⁣(⁣٣) لو قال تعالى: اهدنا صراط الذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ لَكَانَ جَيداً كافيًا، فهذا بدل الكُلِّ من الكُلِّ، وهو أيضا المعرفة من المعرفة. ولا يحتاج هذا البدلُ إلى ضمير يرجع منه إلى المبدل.

  فأما بدل البعض من الكُلِّ وبدل الاشتمال فلا بد أن يرجع من كل واحد منهما ضمير إلى المُبْدَل إما ظاهراً وإما محْذوفًا مُقدراً، وذلك أَنَّكَ إِذا قلت: ضَرَبْتُ زيداً، فَهذا إِخْبَارٌ / عن ضَرْبِ زيد جميعه، فإذا قُلْتَ: رَأْسَهُ أَوْ يَدَهُ أَوْ رَجُلَهُ لَمْ يكن بد من ضمير يرجع إليه يُعْلَمُ به أنَّ هذا العضو من أعضائه؛ لأنَّه بعض له، وكذلك بدل الاشتمال إذا قلت: أَعْجَبَني زيد عقله، فالعقلُ مَحَلهُ القَلْبُ، والإنسانُ يَشْتَمِلُ القلب وغيره، فلا بد من ذكر الهاء؛ ليُعْلَمَ أَنَّهُ من جملته.

  وقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ}⁣(⁣٤) الهاء راجعة إلى الشهر الحرام؛ لأن السؤال وقع عن القتال في الشهر لا عن الشهر؛ لأن الشهر معروف عندهم، كما أنَّهُ معروف عندَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآلِهِ [وَسَلَّمَ]⁣(⁣٥).


(١) في الأصل: (لا يقع منك في قرآن (...) بإقحام (منك)، وما أثبته من (ع). وفي (مل): (لا يقع مثله في ...).

(٢) تكملة من (ع).

(٣) الفاتحة (٦) و (٧) وفي (ع): (... صراط الذين أنعمت عليهم).

(٤) البقرة: (٢١٧).

(٥) زيادة من (ع).