البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب العطف وهو النسق

صفحة 304 - الجزء 1

  على حظره، فله أن يأخُذ واحدا منهما، وليس له أن يجمع بينهما. ومن التخيير قوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ}⁣(⁣١)، لأنَّهُ إذا فعل واحداً فقد كفر.

  فأما دخولها للإباحة فإِنَّما تقع بين أفعال مباحة، فلك أن تفعل أحدهما، ولك أن تجمع بينها، نحو قولك: تعلم الفقه أو النحو، وجالس العالم أو الزاهد، فإن تعلمت الفقهَ والنحو وجالست العالم والزاهد كان أَفْضَلَ، وإن تعلمت أحد العلمين وجالست أحدَ الرَّجُلَيْن جاز؛ لأنَّ في فعل الكُلِّ والبعض ثوابا⁣(⁣٢) وجمالاً والجمع⁣(⁣٣) أَفْضَلُ. وعليه حُمِلَ قوله تعالى في بعض التَّأويلات⁣(⁣٤) {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ}⁣(⁣٥) إلى آخر الآية أنَّ (أَوْ) لِلإِبَاحَةِ.

  وحكى (أبو سعيد [السيرافي])⁣(⁣٦) في شرح الكتاب⁣(⁣٧) قال: حدثني بَعْضُ أصحابنا أنَّ (المزني) صاحب⁣(⁣٨) (الشافعي)⁣(⁣٩) سُئِلَ عَمَّنْ حَلَفَ فقال: والله لا كَلَّمْتُ⁣(⁣١٠) أحداً إلا كوفيا أو بصرياً. فكلم كوفيا وبصريا. فقال: ما أراه إلا


(١) المائدة: (٨٩).

(٢) في الأصل: (ثوبا)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٣) في الأصل: (الجميع)، وما أثبته من (ع).

(٤) في (ع): (الروايات). وفي الأصل رُسمت (التأويلاة).

(٥) النور: (٦١) في (ع) اقتصر بالشاهد على قوله تعالى: (أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم).

(٦) زيادة من (ع).

(٧) شرح الكتاب للسيرافي: ج ٤ / الورقة: ٦٢ / (آ - ب).

(٨) في الأصل ضبطت (صاحب) رفعا وهو خطأ، والتصويب من (ع).

(٩) في (ع) زيادة: (¥).

(١٠) في الأصل (ما كلمت)، وهو وهم، والتصويب من (ع).