البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب العطف وهو النسق

صفحة 305 - الجزء 1

  حانثًا. فَأُنْهِيَ ذلكَ إِلى بعض⁣(⁣١) أصحاب (أبي حنيفة) المقيمين بمصر فقال⁣(⁣٢): أخطأ (المزني)، وخالف الكتاب والسُّنَّةَ. أما الكتاب فقوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} إلى قوله: {أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ}⁣(⁣٣) وكُلُّ ذلك كان مُباحاً خارجاً بالاستثناء عن التحريم. وأما السُّنَّةُ فقول النبي صلى الله عليه [وَسَلَّمَ]⁣(⁣٤): لَقَدْ هَمَمْتُ أَلا أَتُهب⁣(⁣٥) إِلا مِنْ قُرَشِي أَو ثَقَفِي⁣(⁣٦) والمفهوم من ذلك أنَّ القُرَشِيِّ والتَّقَفي فيه سواء. فَرجَعَ (المزني) إلى قوله.

  فأما (لا) فإنَّها تُخْرِجُ الثاني عما وجَبَ للأول. ولا يكون العطف بها إلا في الإيجاب، ولا يجوز العطف بها في النَّفْي؛ لأنَّكَ إِنَّما تَنْفي بها ما وجب فإذا لم توجب شيئًا لَمْ يَصحُ نفيه، تقول من ذلك: قام زيد لا عمرو، ولقيتُ زيداً لا عمراً، ومررت بزيد لا عمرو، فتُشْرِكُ الثاني في إعراب الأول دون المعنى؛ لأنَّ الأول موجب، والثاني منفي.

  فإن قيل: فقد قالوا: لَمْ يَقُم زيدٌ وَلا عَمْرُو، فجاءت (لا) في النَّفْي. قيل له: الواوُ هي العاطفةُ وَ (لا) مُؤكِّدَةٌ للنَّفْي غير عاطفة، وقد مضى أنه لا يجوز دخول


(١) (بعض): ليست في (ع).

(٢) في (ع): (فقالوا).

(٣) الأنعام: (١٤٦).

(٤) زيادة من (ع).

(٥) في الأصل (تهب)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٦) أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عباس بلفظ: «لقد هممت ألا أتهب هبة إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي» ٤/ ٢٤٠ الحديث رقم (٢٦٨٧)، وأخرجه أبو داود في سننه (عون المعبود: ٣/ ٣١٤) بلفظ قريب من هذا وأخرجه ابن حبان في صحيحه انظر موارد الظمآن: ٢٧٩ الحديث رقم (١١٤٥). وانظر تلخيص التحبير: ٣/ ٧٢ الحديث رقم (١٣٢٧)، وصحيح الجامع الصغير: ٥/ ٣٣ الحديث رقم (٥٠٢٢).