باب العطف وهو النسق
  حرف عطف على حرف عطف.
  وأما (بَلْ) فقال: هي للإضراب(١) عن الأول والإثبات للثاني. وهذا المعنى هو المتداول بين النحويين، وذكره (ابنُ السُرّاج) في باب حروف العطف(٢). وقوم(٣) يُنكرون ذلك، ويقولون: إنَّها يُعطف بها في كتاب الله تعالى، ولا يجوز أن يقال: إن الله تعالى أَضَرَبَ عَنْ شَيْءٍ.
  وقالوا: الصحيحُ أنْ يُقالَ: هِيَ لترك شيءٍ من الكلام وأخذ في غيره. وذكر هذه العبارة (ابن السراج) في آخر كتاب الأصول في باب حروف المعاني. ومنهم من يقول: هي للانتقال من قصة إلى قصة.
  وهي تعطف في الإيجاب والنقي وما بعدها على كل حال مثبت وما قبلها متروك، تقولُ: قام زيد بل عمرو، ورأيتُ زيداً بل عمراً، ومررتُ بزيد بَلْ عمرو. وتقولُ في النَّفْي: ما قام زيد بل عمرو، وما رأيتُ زيداً بَلْ عمراً، وما مررتُ بزيد بل عمرو.
  قال: «ومعنى (لكن): الاستدراك، تقول: ما قام زيد لكن عمرو، وما رأيت أخاك لكن جَعْفَرًا. إِلا أَنَّها لا تُسْتَعْمَلُ(٤) في العطف إِلا بَعْدَ النَّفْيِ، ولو قلت: قام زيد لكن جَعْفَرَ، لَمْ يجُز، فإن جاءَتْ بعد الواجب لزم(٥) أن تكون بعدها الجملة، تقولُ: قام زيد لكن جَعْفَرٌ لَمْ يَقُم، ومررتُ بمحمد لكن جَعْفَرٌ لَم أمرر به».
(١) في (ع): (... بل للإضراب).
(٢) لم أقف على كلام ابن السراج في جزأي الأصول المطبوعين.
(٣) انظر معاني الحروف للرماني: ٩٤.
(٤) في الأصل و (ع): (تعمل) وهو تصحيف، والتصويب من (مل).
(٥) في (ع): (جاز) وهو وَهُم لقول المؤلف قبل ذلك: «ولو قلت: قام زيد لكن جعفر لم يجز» وفي (مل): (وجب).