باب العطف وهو النسق
  اعلم أنَّ (لكن) معناها الاستدراك(١) وقد مضى ذكرها في باب (إِنَّ) وأخواتها، وهي مع ذلك حرف عطف، فإذا أُدْخِلَتْ(٢) عليها الواو كانت الواو هي العاطفة / وَخَلَصَتْ (لكن) للاستدراك، لامتناع دخول حرف عطف على حرف عطف، وإنما(٣) يقع العطف بها في النفي دون الإيجاب؛ لأنَّكَ إِنَّما تَسْتَدْرِكُ شيْئًا نَفَيْتَهُ، فأما ما أَوْجَبْتَهُ فلا يحتاجُ إِلى الاستدراك. فَإِنْ وَقَعَتْ في الموجَبِ وقَعَ بعدها الجملة ويكون ما بعدها مُخالفًا لما قبلها، تقول: رأَيْتُ عَمْراً لكن زيداً(٤) لم أره، وجاءني محمد(٥) لكن زيد لم يجى، ومررت بخالد لكن بكر(٦) لَمْ أَمْرُرُ به. وإعراب ما بعدها إذا كان مفرداً كإعراب ما قبلها مادامت خَفيفة(٧) فإن شَدَّدت نصبت على ما مضى في بابها.
  قال: «ومعنى (أم): الاستفهام. ولها فيه موضعان: أحدهما: أن تقع مُعادِلةً(٨) لِهَمْزَةِ الاستفهام على معنى (أي). والآخرُ أَنْ تَقَعَ مُنْقَطِعَةً على معنى (بَلْ). الأول(٩) نحو قولك: أزيد عندَكَ أَمْ عَمْرُو؟ معناهُ: أَيُّهُما عندك، وأزيدا رأيت أم عمراً؟ معناه: أيهما رأيت.
(١) في الأصل: (للاستدارك)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٢) في (ع): (... دَخَلَتْ عليها الواو).
(٣) في الأصل: (ولذا) وهو وهم، والتصويب من (ع).
(٤) كذا في الأصل و (ع): (: (زيدا) بالنصب، والأفضل (زيد)، لأن النصب وإن كان يصح على الاشتغال، إلا أنه مُوهم هنا فقد يظن القارئ أنها عاطفة.
(٥) في الأصل (محمداً) بالنصب، وهو خطأ، والتصويب من (ع).
(٦) في الأصل (بكر) بالجر، وهو خطأ، والتصويب من (ع).
(٧) هذا في حال كونها عاطفة.
(٨) في (مل): (معادلة متصلة).
(٩) في (مل): (مثال الأول منهما).