البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب العطف وهو النسق

صفحة 310 - الجزء 1

  وقد تقع (أم) أيضا بعد الهمزة وتقعُ بعدها الجُمَلُ، وإذا كان كذلك فإِنَّها تكون منقطعة، مثال ذلك قولك: أَزَيْدٌ عِندَكَ أمْ عمرو خارج، سأل عن زيد ثُمَّ ترك ذلك وسأل عن خُروج عَمْرٍو، فَـ (أَمْ) في هذا الموضع وإن كانت واقعة بعد الهمزة فهي. منقطعة.

  الثاني مِنْ قِسْمي (أَمْ): أنْ تقع بعد الخبرِ وتُسَمّى مُنْقَطِعَةٌ، وَمَنْزِلَتُها مَنْزِلَةٌ الهمزة إذا اتصلت بكلام قبلها إلا أن (أم) فيها عطف والهمزة لا تكون إلا للابتداء. فإذا وقعت منقطعة مما قبلها عطفت جُمْلَةً على جملة، وفي حال وقوعها بعد الألف عطفت مُفرَداً على مفرد لاستواء معنييْهما. والمُنْقَطِعَةُ لاختلافِ المعنى عطفت جملة على جملة، ألا ترى أنَّكَ إِذا قلت: إنَّها لإبل أَمْ شَاءُ⁣(⁣١) فالتَّقْدِيرُ: بَل⁣(⁣٢) هي شاءٌ، فَحَذَفت المبتدأ للدلالة عليه، وهذا قول من رأي أشخاصاً فظَنَّها إِبلاً فأخبر عنها، فقال: إِنَّها لإبل⁣(⁣٣)، ثم تحقَّقَ وعَلِمَ أَنَّها ليس بإبل، فقال: أم شاه⁣(⁣٤) تاركًا للكلام / الأول ومبتدئا السؤال⁣(⁣٥) عنها. وقول النحويينَ: إِنَّ (أَمْ) هاهنا بمنزلة (بَلْ) إِنَّما يُريدونَ بِهِ أَنَّ الكلامَ صَارَ مُبْتَدَأ بِهِ، ولا يعنونَ أَنَّهُ يَقين كما يكون الكلام بعد (بَلْ) في الخبر؛ لأنَّه يكون في الخبر مع (بَلْ) للإضراب عن الأوَّلِ وتحقيق الثاني وليس كذلك هاهنا، وإنما يقصدونَ الابتداء على ما بَيِّنْتُ لكَ.


(١) في الأصل: (شاة)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٢) في الأصل: (بلي)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٣) في الأصل ضبطت (لإبل) مجرورة، وهو خطأ، والتصويب من (ع).

(٤) في الأصل: (شاة)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٥) في الأصل و (ع): (عن السؤال ...) بإقحام) عن).