البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب العطف وهو النسق

صفحة 312 - الجزء 1

  افتراه، رادا عليهم هذا القول، ولو كانت بمعنى (بَلْ) لكانَ إِخْبارًا عن قولهم (افْتَراهُ)⁣(⁣١) حَسَبٌ. فهذا بيانُ ما بَيْنَ (أَمْ) وبَيْنَ (بَلْ).

  قال: «ومعنى (إِمَا) كَمَعنى (أو) في الخبر [والشك]⁣(⁣٢) والإباحة والتخيير تقولُ: قامَ إِمّا زيدٌ وإِما عمرو، وكُلْ إِمَا تَمْرًا وَإِمَّا سَمَكًا، إِلَّا أَنَّهَا أَقْعَدُ في لَفْظ الشَّكَ من (أو) ألا تراك تبتدى بها شاكًا، فتقولُ: قَامَ إِمَا زِيدٌ وإما عمرو، و (أو) يمضي صدرُ كلامك على لفظ / اليقين ثُمَّ يأتي (أو) فيما بعد، فيعودُ الشَّكُ ساريًا منْ آخِرِ كلامِكَ إِلى أَوَّلِهِ».

  اعلم أنَّ (إما) عند المحققين ليست⁣(⁣٣) حَرْفَ عَطْفِ الأَمْرِينِ: أَحَدُهما: دخول الواو عليها، وحرف عطف لا يَدْخُلُ على حرف عطف الثاني: كونها متقدمة على المعطوف عليه، وحرف العطف لا يتقدم على المعطوف عليه. وإنما هي بمنزلة (أو) فيها شك وإباحة وتخيير. وكلُّ ما قيل في (أو) يُقالُ في (إِمّا) مثله. وهي أَقْعَدُ في الشَّكُ منْ (أَوْ) كما ذكره صاحب الكتاب.

  قال: «واعلم أنَّكَ تَعْطِفُ الاسم على الاسم إذا اتفقا في الحال، والفعل على الفعل إذا اتفقا في الزمان، تقولُ: قام زيد وعمرو؛ لأنَّ القيام يصح من كُلِّ واحد منهما، ولا تقولُ: مات زيد والشَّمْسُ، لأَنَّ الشَّمْسَ لَا يَصِحُ موتُها. وتقولُ: قام زيد وقَعَدَ، لاتفاق زمانيهما، ولا تقولُ: يقوم زيد وقَعَدَ، لاختلاف زمانيهما».


(١) في (ع): رسمت: (افترايه)، وهو تحريف.

(٢) زيادة من (مل).

(٣) في (ع): (ليس).