البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب العطف وهو النسق

صفحة 313 - الجزء 1

  اعلم أن الغرض بحروف العطف إنَّما هو الاختصار والإيجاز بحذف العامل الثاني، فأقيمت هذه الحروف مقامَهُ فلا يحسنُ العطف بها حتى يتَّفق⁣(⁣١) الحالان والفعلان، ألا ترى أنك إذا قُلْتَ: قام زيد وعمرو، فالتقدير: قام زيد [وَ]⁣(⁣٢) قام عمرو، وكذلك: رأيتُ زيداً وعمراً، فالتقدير: رأيتُ زيداً، ورأيتُ عَمْراً، ومررتُ بزيد وعمرو، فالتقدير: مررت بزيد ومررتُ بعمرو، فلما طال ذلك عليهم حذفوا أحد العاملين وأقاموا حرف العطف مقامَهُ، لاشتراك زيد وعمرو في الفعل والحال. ولو اختلفا لأظهر العامل، ولم يجز إضماره⁣(⁣٣) ولا حَدْقُهُ، لو قلت: قام زيد وقعد عمرو، لم يجز أن تُخبر عنهما بالقيام فتقولُ: قام زيد وعَمْرُو؛ لأنَّ الغرض بالإخبار عن القعود لا يحصل. وكذلك إذا كان الفعلُ لا يصح من أحدهما لا تُخْبرُ عنه به نحو ما مَثْلَهُ مِنْ: مات زيد والشَّمْسُ؛ لأنَّ الشَّمْس لا يصح موتُها، إِذْ ليس فيها حياةً، والموتُ لا يكون إلا لمن فيه حياةٌ. ويجوز أن تقول: طَلَعَ زيد والشَّمْسُ؛ لأنَّ الشَّمْسَ يَصحُ طلوعها، ولا تقولُ: نام زيد والشَّمْسُ؛ لأنَّ الشَّمْسِ⁣(⁣٤) لا يكون منها نوم.

  قال: «وتعطفُ / المظهر على المظهر، والمضمر على المضمر، والمظهر على المضمر، والمضمر على المظهر⁣(⁣٥). تقول في عطف المظهر على المظهر: قام زيد وعمرو. وفي عطف المضمر على


(١) في الأصل: (تيقن)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٢) تكملة من (ع).

(٣) في الأصل: (إظهاره)، وهو وهم، والتصويب من (ع).

(٤) (لأن الشمس): ساقط من (ع).

(٥) في (مل) زيادة: (كل ذلك جائز).