باب العطف وهو النسق
  اعلم أن الغرض بحروف العطف إنَّما هو الاختصار والإيجاز بحذف العامل الثاني، فأقيمت هذه الحروف مقامَهُ فلا يحسنُ العطف بها حتى يتَّفق(١) الحالان والفعلان، ألا ترى أنك إذا قُلْتَ: قام زيد وعمرو، فالتقدير: قام زيد [وَ](٢) قام عمرو، وكذلك: رأيتُ زيداً وعمراً، فالتقدير: رأيتُ زيداً، ورأيتُ عَمْراً، ومررتُ بزيد وعمرو، فالتقدير: مررت بزيد ومررتُ بعمرو، فلما طال ذلك عليهم حذفوا أحد العاملين وأقاموا حرف العطف مقامَهُ، لاشتراك زيد وعمرو في الفعل والحال. ولو اختلفا لأظهر العامل، ولم يجز إضماره(٣) ولا حَدْقُهُ، لو قلت: قام زيد وقعد عمرو، لم يجز أن تُخبر عنهما بالقيام فتقولُ: قام زيد وعَمْرُو؛ لأنَّ الغرض بالإخبار عن القعود لا يحصل. وكذلك إذا كان الفعلُ لا يصح من أحدهما لا تُخْبرُ عنه به نحو ما مَثْلَهُ مِنْ: مات زيد والشَّمْسُ؛ لأنَّ الشَّمْس لا يصح موتُها، إِذْ ليس فيها حياةً، والموتُ لا يكون إلا لمن فيه حياةٌ. ويجوز أن تقول: طَلَعَ زيد والشَّمْسُ؛ لأنَّ الشَّمْسَ يَصحُ طلوعها، ولا تقولُ: نام زيد والشَّمْسُ؛ لأنَّ الشَّمْسِ(٤) لا يكون منها نوم.
  قال: «وتعطفُ / المظهر على المظهر، والمضمر على المضمر، والمظهر على المضمر، والمضمر على المظهر(٥). تقول في عطف المظهر على المظهر: قام زيد وعمرو. وفي عطف المضمر على
(١) في الأصل: (تيقن)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٢) تكملة من (ع).
(٣) في الأصل: (إظهاره)، وهو وهم، والتصويب من (ع).
(٤) (لأن الشمس): ساقط من (ع).
(٥) في (مل) زيادة: (كل ذلك جائز).