البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب العطف وهو النسق

صفحة 330 - الجزء 1

  في المذكر والمؤنث، فقلت: (أَنْتُما) فتضم التاء في المذكر والمؤنث. فإن قيل. فَلِمَ⁣(⁣١) ضُمَّتِ التاء في هذا الموضع وهلا فتحتها على أصلها؛ لأنك إنما كسرت التاء في المؤنث للفرق، وقد تعذر ذلك لأجل دخول الميم والألف الذي يستوي فيهما المذكر والمؤنّث فكان من حقك أن تعيد التاء⁣(⁣٢) إلى الفتح.

  قيل له: إن قولنا (أَنْتُما) أشبه الظاهر من وجه وأشبه المتكلم من وجه. فشبهه للظاهر أن الحق فيه ألف للتثنية، وشبهه للمتكلم أن أُلحق فيه حرف لا يكون في التثنية وهو الميم. وإنّما اختاروا زيادة الميم هاهنا؛ لأنّها تزاد كثيراً في أواخر الأسماء كقولهم للأزرق: (زُرقُم)⁣(⁣٣)، ولعظم الاست: (سُتْهُم) و (فُسْحُمٌ)⁣(⁣٤) مأخوذ من الانْفِساح، و (دِلْقِم)⁣(⁣٥) وهي⁣(⁣٦) (فِعْلِمٌ) من الانْدِلاقِ، و (شَدَّقم) وهو الأَشْدَفُ، و (حُلَكُمْ) للأسود مأخوذ من الحلكة، ألا ترى أن قولنا (أنا) للمتكلم إذا ثُني قيل: (نَحْنُ)، و (نَحْنُ) ليس بتثنية (أنا)، وإنما هو تثنية (أَنَا وَهُوَ)، فلمّا تُنْيَ أُتِيَ بلفظ⁣(⁣٧) غير الواحد، فزيد في (أنْتُما) ميم لم تكن في الواحد، وحركوا التاء بالضم تشبيها بحركة تاء المتكلّم إِذا قُلْتَ: أَنَا فَعَلْتُ؛ لأنّ قولنا: (أَنَا) هو قولنا: (أَنْتَ)، وإنّما زيدت فيه / التاء للخطاب، والمتكلم هو الأصل، فلما أخذ شبها منه حملت تاؤُهُ على تائه. فإذا صرت إلى الجمع قلت:


(١) في (ع): (وليم).

(٢) في (ع): (الياء)، وهو تحريف.

(٣) والزرقُمُ: الأزرق الشديد الزَّرْقِ، والمرأة زرقم أيضا، اللسان (زرق).

(٤) الفُسْحُمُ بالضَمّ: الواسع الصدر، والميم زائدة، اللسان (فسحم).

(٥) امرأة دلقم: هَرِمة، وهي من النوق التي تكسرت أسنانها فهي تمج الماء مثل الدلوق، اللسان (دلقم).

(٦) في (ع): (هو).

(٧) في (ع): (.. ثني أنا بلفظ ..).