البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب العطف وهو النسق

صفحة 335 - الجزء 1

  شئت جعلت الأول مبتدأ، وجعلت الضمير مبتدأ ثانيًا وما بعده خبر عنه، وتكون الجملة في موضع خبر المبتدأ الأول.

  وإن شئت جعلت الضمير فصلاً لا موضع له من الإعراب. وعلى هذا تقول: كَأَنَّ زَيْدًا هُوَ عَمْرُو، إِن⁣(⁣١) شئت جعلت الضمير فصلاً ورفعت (عمراً) بأنه خبر (كَأَنَّ) وإن شئت جعلت (عمراً) خبر (هو) والجملة في موضع رفع؛ لأنّها خبر (كَأَنَّ). وتقول: ظَنَتْتُ زَيْداً هُوَ عَمْرُو، وعَمْراً، إن جعلت (هو) فصلاً نصبت (عمراً)؛ لأنه مفعول ثان، وإن جعلته مبتدأ رفعت؛ لأنه خبر عنه، وتكون الجملة في موضع نصب؛ لأنها في موضع المفعول الثاني، وهذا واضح جدا. وإنما يقع الفصل بين اثنين أحدهما هو الآخر، وذلك في باب (ظننت) وأخواتها، و (كان) وأخواتها، و (إنّ) وأخواتها؛ لأنّ الموضع للمبتدأ والخبر في الأصل.

  وأهل الكوفة يسمون الفصل: العماد⁣(⁣٢). فإن قال قائل: ما المقصود بالفصل؟ ولأي شيء دخل الكلام؟ وهل هذا إلا توكيد؟

  قيل له: إنما دخل الفصل في كلامهم؛ ليُؤذن بان الاسم الأول قد تم ولم يبق منه نعت ولا بدل ولاشيء من تمامه، وأن الذي بقي من الكلام [خبر عن] الأول يلزم المتكلم أن يأتي به، ولهذا تقول: إنّه لا يجوز الفصل فيما لا يكون الأول [متعلقا بالثاني، نحو: ضرب زيد عمراً]، وكسا بشر بكرا ثوباً؛ لأن أحد المفعولين غير متعلق بالآخر. ومُفارَقَةُ الفصل للتوكيد هو أنّ الفصل يكون للظاهر والمضمر على حال سواء، والتوكيد لا يكون إلا لضمير في فعل، نحو قولك: زيد


(١) في الأصل و (ع): (وإن) بإقحام الواو.

(٢) انظر معاني القرآن للفراء: ١/ ٤٠٩، كلامه على الآية {إِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ}⁣[الأنفال: ٣٢] وانظر الإنصاف المسألة رقم (١٠٠) ج ٢/ص ٧٠٦، وشرح المفصل: ٣/ ١١٠، والمغني: ٥٤٦.