البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب العطف وهو النسق

صفحة 341 - الجزء 1

  فإن قيل: لِمَ لَم يظهر الضمير في هذه الأفعال كما ظهر فيما سواها؟ قيل له: لما كانت حروف المضارعة تَفْرُقُ بين المعاني، وتميز المتكلم من المخاطب من الغائب، استغنوا بها عن إظهار ضمير آخر. فإذا اتصل بها تثنية أو جمع احتاجوا إلى إظهار الضمير؛ لئلا يلتبس المفرد بغيره.

  فأما الغائب / نحو: زيد قام وعمرو قعد، فإنّما لم تظهر له صورة؛ لأنه لا حاجة إليه ألا ترى أنّ كلّ مضمر له علامة فصار ترك العلامة للغائب علامة يعرف بها فلم يحتج إلى إظهار ضمير؛ لأنه غير مشكل.

  فأما الأمر فإنه محمول على النهي؛ لأن النهي فيه التاء، فنابت عن إظهار الضمير، كما ذكرنا. ولما كانا من قبيل واحد أُجْريَ مُجْراهُ وحُمِلَ عليه.

  فإن قيل: فقد يظهر الضمير⁣(⁣١) في اسم الفاعل والمفعول مع التثنية والجمع. قيل له: ذلك ليس بضمير وإنّما هو علامة التثنية والجمع، كما تقول: (الزيدان) و (الزيدون) ألا ترى أن الألف تنقلب ياء كما تنقلب في (الزيدين)، والواو تنقلب ياء كما تنقلب في (الزيدين)⁣(⁣٢) فعُلِمَ أنها علامة للتثنية والجمع، والضمير مستتر في اسم الفاعل.

  فأما التاء المتصلة بفعل المتكلّم الماضي، نحو: قُمْتُ، وقَعَدْتُ، وأشباه ذلك فمبنية على الضم؛ ليَدلُّ على الفاعل؛ لأن الفاعل أبداً يكون مرفوعا والمذكر والمؤنث فيها⁣(⁣٣) على سواء؛ ولأن المتكلّم لا يحتاج إلى بيان؛ لأنّه بنطقه يُنْبِئُ عن نفسه. وتثبتُ في الفعل؛ لأنّها لو أُسقطَتْ لاشتبه بفعل الغائب.


(١) هنا ينتهي سقط (ع) الذي أشرنا إليه في ص ٣٣٩ الحاشية (٧).

(٢) (والواو تنقلب ... في الزيدين) ساقط من (ع). و (الزيدين) ضبطت في الأصل ضبط المثنى، وهو وهم، والصواب ما أثبته.

(٣) في الأصل: (فيهما)، وهو وهم، والتصويب من (ع).