باب العطف وهو النسق
  وأما (فَعَلْنا) فهو للتثنية والجمع والمذكر والمؤنث وإِنما جاز ذلك؛ لأن هذا ليس بجمع في الحقيقة، وإنما هو على منهاج ما ذكرناه في (نَحْنُ). والكلام الذي تقدم يُغني عن إعادته هاهنا(١). فأما (قُمْتَ) فالتاء مفتوحة؛ لتفرق بين المذكر والمؤنث، وموضعها رفع على ما مضى.
  فإذا ثنيت وجمعت قلت: قمتما وقمتم فتزيد ميما بعد التاء للمبالغة. وجعلوا الفرق بين الواحد والجمع بحرف سوى الحرف الذي يكون في الأسماء الظاهرة، نحو قولنا: (الزيدان) و (الزيدون). واستوى التثنية والجمع في زيادة الميم؛ لأن التثنية جمع في الحقيقة، وفرق بينهما بالألف في التثنية والواو في الجمع.
  فإن قال قائل: لم اختاروا زيادة الميم دون حروف الزوائد؟ قيل له: إنما اختاروها؛ لأن الميم تلحق أواخر الأسماء زائدة / على ما مضى بيانه في (زُرقُم، وستهم) وأشباه ذلك(٢). وأيضا فإنّ الميم تشبه النّون، والنون قد تدخل للإعراب ولغيره من العلامات فكانت بالزيادة أولى. وضموا التاء كما ضموها في (أَنْتُما)، وقد ذكرنا العلة فيه. وقد تحذف الواو من (قُمْتُمو) تخفيفاً، فيقولون: (قُمْتُمْ).
  فإذا خاطبت المؤنث كسرت التاء للفرق بين المذكر والمؤنث، وكانت تاء المؤنث بالكسر أولى حملاً على ياء(٣) (تَفْعَلينَ) على ما تقدّم.
  فإن قال قائل: هلا استغنوا بتعريف الخطاب عن الفرق؛ لأن المخاطب
(١) (هاهنا): ليست في (ع).
(٢) في (ع): (... زائدة كقولهم: (زرقم) و (سنهم) لعظيم الاست وأشباه ذلك، وقد مضى بيانه).
(٣) في الأصل: (تاء)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).