باب العطف وهو النسق
  فإن قيل: فقد قلبتم ألفه في التصغير ياءً فقلتم(١): (ذيّا، وَنَيّا) / فهلاً قلبتموها أيضا في التثنية. قيل له: حكم التصغير لا يشبه(٢) التثنية؛ لأن التصغير يَرُدُّ الأشياء(٣) إلى أصولها، ألا تراهم قالوا: (يُدَيَّةٌ) في تصغير (يد)، و (دمي) في تصغير (دَم)، وقالوا في التثنية (يدان، ودمان)، قال الله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}(٤) وقال تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}(٥).
  فإن قال قائل: فهذا المبهم مبني غير معرب فكيف لحقته النون؟ وإنما هي عوض من الحركة والتنوين ولا حركة ولا تنوين في المبهم. قيل له: قد مضى بيان ذلك فيما تقدم في باب التثنية(٦). وأيضًا فإنَّ هذه النون دخلت عوضاً من الألف المحذوفة حتى لا يُجْحَفَ بالاسم المبني.
  فإن أشرت إلى الغائب(٧) زدت لاما للبعد فقلت (ذلك)، فإن ثنيته قلت (ذانك) في حال الرفع، و (ذَيْنكَ) في حال النصب والجر. وتقول للغائبة (تِلْكَ) فإن ثنيت قلت (تانك) في حال الرّفع و (تَيْنكَ) في حال الجر والنصب.
  فإن قيل: كيف جعلوا تثنية (ذلك): (ذانَّكَ)، و (تلك): (تانك). قيل له: الأصل في (ذلك): (ذالنك)، وفي (تلك): (تالنَّكَ) فتجتمع اللام مع النون، وهي
(١) من (ع): في الأصل: (قلت).
(٢) في الأصل: (لا يشتبه)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٣) في (ع): (الأسماء).
(٤) ص: (٧٥).
(٥) المائدة: (٦٤).
(٦) انظر ص ٧٣ وما بعدها.
(٧) في (ع): (إلى غائب).