باب النداء
  يا رجلاً خذ بيدي، ولا يقصد إلى رجل بعينه، فكل من أخذ بيده فهو ذلك الرجل. وكذلك قول الشاعر(١):
  ١٢٢ - أيا راكِبًا إِمَا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ ... نداماي مِنْ نَجْرانَ أَلا تلاقيا
  فلم يقصد راكباً بعينه. والثَّاني: ما كان نكرة قبل النداء فلما قصدته بالنداء، ونحوت نحوه، وأقبلت عليه، أحدثت (يا) فيه تعريفا فجرى مجرى زيد وعمرو، فبُنِي على الضم؛ لأنه صار معرفة بالنداء.
  فإن قال قائل: فإذا كانت (يا) تحدث تعريفا بالقصد فما الذي أحدثت في زيد وعمرو وقد قصد نَحْوُهُما؟(٢). قيل له: إِنّ الأسماء الأعلام قبل النداء وبعده معارف وحرف النداء لم يحدث فيها تعريفا وإنّما أكدها. ومن النَّاسِ مَن يقول(٣): إنا نتوهم زوال التعريف منها لاشتراك الأسماء، ثم يحدث التعريف بحرف النداء. وهذا ليس بصحيح؛ لأنا(٤) ننادي من لا يَشْرَكُهُ في اسمه غيره نحو (الفَرِّزْدَقِ) ولا إشكال في علميّته. فإن قيل: / فلم منعتُم دخول حرف النداء على
(١) هو عبد يغوث الحارثي.
١٢٢ - البيت من الطويل.
وهو من شواهد سيبويه: ١/ ٣١٢، وانظر المقتضب: ٤/ ٢٠٤، والجمل للزجاجي: ١٥٨، وذيل أمالي القالي: ١٣٢، والأصول: ١/ ٤٠٣، ٤٥٠، وابن يعيش: ١/ ١٢٨، والخزانة: ١/ ٣١٣، والمقاصد: ٤/ ٢٠٦، والمفضليات: ١٥٦، والأغاني: ١٦/ ٣٣٣، والتبصرة: ١/ ٣٣٩، والمساعد: ٢/ ٤٩٠، واللسان: (عرض).
وصدره في الجمل للجرجاني: ٢١، وابن يعيش: ١/ ١٢٧، ١٢٩، وأوضح المسالك: ٤/ ١٨.
(٢) في (ع): (وقد قَصَدَ نَحْوَهُما) بالبناء للفاعل.
(٣) هذا قول المبرد انظر المقتضب: ٤/ ٢٠٥، وشرح الكافية للمرضي: ١/ ١٤١.
(٤) في (ع): (لأننا).