البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب النداء

صفحة 375 - الجزء 1

  اعلم أنك إذا عطفت على المنادى المضموم اسمًا فيه ألف ولام فلا يخلو ذلك الاسم أن يكون معرفة قبل الألف واللام، أو يكون تعرف بالألف واللام.

  فإن كان معرفة قبل الألف واللام، نحو: (الحارث، و الحكم) فالاختيار فيه الرفع؛ لأن الألف واللام لم يحدث معنى فجرى مجرى المنادي. والنصب جائز على الموضع.

  وإن كان تعرف بالألف واللام فالاختيار فيه النصب؛ لأن الألف واللام يعاقب المضاف فكما يكون المضاف منصوبا كذلك كان⁣(⁣١) ما فيه الألف واللام. هذا اختيار (المُبرِّدُ) في قوله تعالى: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} نصب (الطير) على مذهبه؛ لأنه عنده بمنزلة: يا زَيْدُ وَ الرَّجُل⁣(⁣٢). وكان (الخليل) يختار الرفع في ذلك كله⁣(⁣٣).

  فإن قيل: كيف يجوز أن يُنادى ما فيه الألف واللام وقد مضى أن (يا) لا يدخل عليهما⁣(⁣٤) ولا تجتمعان؟ قيل له: لَمّا بَعُدَ ما فيه الألف واللام عن (يا) لكونهما في العطف حسن وجاز أن يوقع على لفظ المنادى هذا في حال الرفع. وأما النصب فظاهر؛ لأنّ موضع المنادى / منصوب والواو تنوب مناب العامل،


(١) في الأصل: (مكان) وما أثبته من (ع).

(٢) شرح الكافية للرضي: ١/ ١٢٧ وفي ابن يعيش: ٢/ ٣، والمساعد: ٢/ ٥١٤. ولم يُفصل المبرد في المقتضب هذه المسالة هذا التفصيل وإنما اكتفى بعرض الخلاف بين العلماء السابقين له وحسن كلا القولين ثم أبدى ميله إلى قراءة النصب في الآية بقوله: «والنصب عندي حسن على قراءة الناس» انظر المقتضب: ٤/ ٢١٢ - ٢١٣.

(٣) انظر مذهب الخليل ومن وافقه في الكتاب: ١/ ٣٠٥، والمقتضب: ٤/ ٢١٢ - ٢١٣، والمساعد: ٥١٤/ ٢.

(٤) في (ع): (عليها).