البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب الشرط وجوابه

صفحة 455 - الجزء 1

  لا تَفْعَلْ شَرًّا تَنْجُ، التقدير: لا تفعل شراً فإنّك إن [لا]⁣(⁣٤) تفعل شرًا تَنْجُ، فحذفت (إنْ) واما عملت فيه وضمنت معناها الأمر والنهي، فجزمته، ولهذا لا يجوز: لا تَدْنُ مِنَ الأَسَدِ يَأْكُلْكَ؛ لأن التقدير: لاتدن من الأسد فإنّك إن لا تَدْنُ من الأسد (يَأكُلك)، فتجعل البعد منه سبباً للأكل، وهذا لا يجوز فإن أدخلت الفاء جاز فتقول: لا تَدْنُ مِنَ الأَسَدِ فَيَأْكُلَكَ، فتعطف مصدراً على مصدر، ويكون التقدير: لا يَكُنْ دُنْوِّ فَأَكُل، وعلى هذا قوله تعالى: {لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ}⁣(⁣١) (⁣٢) أي لا يكن افتراء فَسُحت. وجاء⁣(⁣٣) القرآن بجزم جواب الأمر، نحو قوله تعالى: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا}⁣(⁣٤) ونحو قوله تعالى⁣(⁣٥): {فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ}.⁣(⁣٦) (⁣٧).

  ويجوز الرفع في جواب هذه الأشياء، ويكون من أحد وجهين:

  أحدهما: أن يكون مستأنفًا، نحو قولك: افْعَلْ خَيْرًا يَكونُ خَيْرًا لَكَ، والتقدير: فَهُوَ يَكونُ.

  والثاني: أن تجعله صفة لما تقدّم نحو قوله تعالى: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ


(٤) تكملة من (ع).

(١) طه: (٦١).

(٢) تقدمت الآية: ص ٤٣٢ انظر الحاشية رقم (٢).

(٣) في (ع): (وقد جاء ...).

(٤) البقرة: (٦٩).

(٥) (نحو قوله تعالى): ساقط من (ع).

(٦) الأعراف: (٧٣).

(٧) في (ع): (ذروها) بإسقاط الفاء.