باب التعجب
  أَحْسَنَ ما كان زَيْدٌ لأنك حملت الفعل على المصدر، وكذلك كل فعل يُقَدَّرُ(١) بعد (ما) بالمصدر، نحو قولك: ما أَجْمَلَ ما صَنَعَ عَمْرُو، والتقدير: ما أَجْمَلَ صُنْعَ عَمْرو، وما أَحْسَنَ كَوْنَ زَيْدٍ، فكما جاز أن تقول: ما أَحْسَنَ صُنْعَ زَيْد، جاز أن تقول: ما أَحْسَنَ ما صَنَعَ زَيْدٌ؛ إِذْ هما على حال سواء.
  قال: «الثاني منهما نحو قولك: أَحْسِنْ بِزَيْدِ، أَي: ما أَحْسَنَ زَيْدًا، وَاحْمِلْ بِجَعْفَرٍ، أي: ما أَجْمَلَ جَعْفَراً. فالباء وما عملت فيه في موضع رفع، ومعناه: أحسن زيد، أي: صار ذا حُسن، وأَجْمَلَ زَيد، أي: صار ذا جمال، كقولك: أَخْرَبَ الرَّجُلُ، أي: صار ذا إبل جربى، وَأَنْحَر، أي: صار ذا مال فيه النُّحازُ(٢)، فلفظه لفظ الأمر، ومعناه الخبر، ولهذا قلت في التثنية [والجمع](٣): يا زيدانِ أَحْسِن بِعَمْرو، ويازيدون أحسن بعمرو، ولم تقل: أحسنا، ولا: أحسنوا [الأَنَّكَ لَسْت] تأمر أحداً بإيقاع فعل(٤)، فلا ضمير إذن في قولك: أحسن ونحوه».
  اعلم أن الهمزة التي في هذا الضرب الثّاني من لفظي(٥) التعجب وهو قولنا: أَحْسِنُ (بزيد)، ليست الهمزة التي في قولنا: ما أَحْسَنَهُ؛ لأن تلك همزة التعدي نَقَلَتِ الفعل من اللزوم إلى المفعول(٦) به، لأنّ هذا الضرب لا يكون إلا في فعل
(١) في الأصل: (ينقدر) وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٢) النحاز: هي الإبل المضروبة. انظر اللسان: (نحز).
(٣) تكملة من (مل).
(٤) في (مل) زيادة: (وإنما أنتَ مُخْبِرٌ).
(٥) في (ع): (من لفظ).
(٦) في الأصل: (المنقول) وهو تحريف، والتصويب من (ع).