البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب التعجب

صفحة 463 - الجزء 1

  لا يتعدى⁣(⁣١)، نحو أفعال النَّحائز والطبائع كـ (ظرف، وكَرُمَ، وَحَسُنَ). فإن قيل: فقد قالوا: ما أَضرَبَهُ، وَأَقْوَلَهُ، وَأَبْيَعَهُ، وهذه أفعال متعدية. قيل له: هذه أفعال منقولة من التعدي إلى اللزوم، فكأنّه في التقدير: (ضَربَ)⁣(⁣٢) ثُمَّ نُقِلَ بهمزة التعدي ولولا ذلك لكان يتعدى إلى مفعولين نحو: أَضْرَبْتُ زَيْدًا عَمْرًا. قال (سيبويه)⁣(⁣٣): وإنما اختاروا الهمزة دون غيرها؛ لأنّها أكثر في التعدي. فأما هذه الهمزة فإنّها همزة بمعنى⁣(⁣٤) صار ذا كذا، نحو قولك: أَصْرَمَ الرَّجُلُ، إِذا صار ذا صرمة⁣(⁣٥)، وأَجْرَبَ، إذا صار ذا إِبل جَرْبى وأَصحَ، إذا صار ذا إبل صحاح، وما أشبه ذلك. ولو كانت همزة التعدي لظهر المفعول به كما في قولك: [ما]⁣(⁣٦) أَحْسَنَ زيداً. وقولنا: بزيد وبعمرو الجار⁣(⁣٧) والمجرور في موضع رفع بأنه فاعل⁣(⁣٨).

  و (أفعل) لفظه لفظ الأمر، ومعناه الخبر ألا ترى أنه يحسن فيه صدقت أو كذبت، وغير ممتنع أن يقع لفظ الأمر للخبر كما وقع لفظ الخبر للأمر، نحو قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}⁣(⁣٩) والتقدير والله أعلم حجوا، وقال


(١) في (ع): (... أفعال لا تتعدى).

(٢) في (ع) ضبطت (ضرب)، وهو وهم.

(٣) لم أستطع الوقوف على قوله هذا في الكتاب.

(٤) في (ع): (لمعنى).

(٥) الصرمة هي القطعة من الإبل، قيل هي ما بين العشرين إلى الثلاثين. وقيل غير ذلك انظر اللسان: (صرم).

(٦) تكملة من (ع).

(٧) في الأصل و (ع): (والجار ...) بإقحام الواو.

(٨) في (ع): (الفاعل).

(٩) آل عمران: (٩٧). و (حج) بفتح الحاء قراءة أبي عمرو وابن كثير ونافع وابن عامر ويعقوب وعاصم في رواية أبي بكر. وقرأ باقي العشرة وعاصم في رواية حفص (حج) بكسر الحاء. السبعة: ٢١٤، والنشر: ٢/ ٢٤١، والبدور الزاهرة: ٦٦.