باب التعجب
  لا يتعدى(١)، نحو أفعال النَّحائز والطبائع كـ (ظرف، وكَرُمَ، وَحَسُنَ). فإن قيل: فقد قالوا: ما أَضرَبَهُ، وَأَقْوَلَهُ، وَأَبْيَعَهُ، وهذه أفعال متعدية. قيل له: هذه أفعال منقولة من التعدي إلى اللزوم، فكأنّه في التقدير: (ضَربَ)(٢) ثُمَّ نُقِلَ بهمزة التعدي ولولا ذلك لكان يتعدى إلى مفعولين نحو: أَضْرَبْتُ زَيْدًا عَمْرًا. قال (سيبويه)(٣): وإنما اختاروا الهمزة دون غيرها؛ لأنّها أكثر في التعدي. فأما هذه الهمزة فإنّها همزة بمعنى(٤) صار ذا كذا، نحو قولك: أَصْرَمَ الرَّجُلُ، إِذا صار ذا صرمة(٥)، وأَجْرَبَ، إذا صار ذا إِبل جَرْبى وأَصحَ، إذا صار ذا إبل صحاح، وما أشبه ذلك. ولو كانت همزة التعدي لظهر المفعول به كما في قولك: [ما](٦) أَحْسَنَ زيداً. وقولنا: بزيد وبعمرو الجار(٧) والمجرور في موضع رفع بأنه فاعل(٨).
  و (أفعل) لفظه لفظ الأمر، ومعناه الخبر ألا ترى أنه يحسن فيه صدقت أو كذبت، وغير ممتنع أن يقع لفظ الأمر للخبر كما وقع لفظ الخبر للأمر، نحو قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}(٩) والتقدير والله أعلم حجوا، وقال
(١) في (ع): (... أفعال لا تتعدى).
(٢) في (ع) ضبطت (ضرب)، وهو وهم.
(٣) لم أستطع الوقوف على قوله هذا في الكتاب.
(٤) في (ع): (لمعنى).
(٥) الصرمة هي القطعة من الإبل، قيل هي ما بين العشرين إلى الثلاثين. وقيل غير ذلك انظر اللسان: (صرم).
(٦) تكملة من (ع).
(٧) في الأصل و (ع): (والجار ...) بإقحام الواو.
(٨) في (ع): (الفاعل).
(٩) آل عمران: (٩٧). و (حج) بفتح الحاء قراءة أبي عمرو وابن كثير ونافع وابن عامر ويعقوب وعاصم في رواية أبي بكر. وقرأ باقي العشرة وعاصم في رواية حفص (حج) بكسر الحاء. السبعة: ٢١٤، والنشر: ٢/ ٢٤١، والبدور الزاهرة: ٦٦.