باب التعجب
  قال: «واعلم أن فعل التعجب إنّما مَبْناهُ من الثلاثي تقول: قام زيد، ثُمَّ تقول: ما أَقومَهُ، وقعد، ثُمَّ تقول: ما أَقْعَدَهُ(١)، فإن تجاوز الماضي ثلاثة أحرف لم يجز أن يُبنى منه فعل(٢) التعجب، وذلك نحو: (دَخرَج، واستخرج). فإن أردت ذلك قلت: ما أَشَدَّ دَخرَجَتَهُ(٣) وكذلك ما أشبهه».
  اعلم أن أُصول الأفعال على ضربين: ثلاثي ورباعي. فلما تعجبوا من الثلاثي نقلوه بالهمزة إلى الرباعي وهو أصل فلو تعجبوا من الرباعي لنقلوه إلى غير أصل، والجاز أيضا أن يُتَعَجَبَ من السداسي فينقل إلى السباعي، وهذا يؤدي إلى مالانهاية له(٤)، فلما كان كذلك خصوه بالأصول وقصروه عليها، وهذه العلة أملها علينا شيخنا أبو القاسم |، ولم أقف عليها في أصل من الأصول. إلا أنهم لما أرادوا التعجب من الرباعي والخماسي جاؤوا بلفظ يُشابه لفظ التعجب فأدخلوه بين (ما) وبين الشيء المتعجب منه فقالوا: ما أَحْسَنَ اسْتِخْراجَهُ، وما أَبْدَعَ إِنْعَامَهُ، وما أَكثَرَ دَحْرَجَتَهُ، حتى لا يتغير الباب. فإن قيل فقد قالوا: ما أعطاه، وما أولاه، وهو من (أعطى، وأولى). قيل له: إنّ ذلك على حذف الزائد(٥)؛ لأنّ أصل (أعطى): (عطى يعطو)، إذا تناول، {وَمِنْهُ} قول الشاعر:
(١) في (مل): (وقعد ما أقعده).
(٢) في (مل): (... أن تبني منه فعل ...).
(٣) في (مل) زيادة: (وما أسرع استخراجه).
(٤) انظر قسم الدراسة ص ٢٧.
(٥) في (ع): (الزوائد)، وهو تحريف.