باب حبذا
  والرابع: أن تجعل (زيدا) بدلاً من (ذا) ويكون (ذا) هو الفاعل(١) ويجوز فيه أيضاً ما جاز في (زيد) في باب (نعم، وبئس) إذا قلت: نعم رجلاً زيد. وقد مضى تفسيره.
  فأما النكرة فمنصوبة على التمييز على ما ذكره والدليل على صحة ذلك أنك تقدر (من)، فتقول: حَبذا زيد رجلاً، أي: من رجل، والعامل في التمييز (حَبَّذا). وقال قوم(٢): إِنّه ينتصب على الحال، ويكون التقدير: حَبَّذا زيد في حال رجوليته. ويجوز أن تنصبه بـ (أعني). وكل جائز.
  قال: «وَ (حَبَّذا) مع الواحد والواحدة والاثنين والاثنتين والجماعة بلفظ واحد؛ لأنه جرى مجرى المثل، تقول: حَبَّذا زيد، وحَبَّذا هند. / ولاتقول: (حَبَّدَهُ)، وكذلك: حَبَّذا الزَّيْدَانِ، وحَبَّذا الزَّيْدُونَ، وحَبَّذا الهِنْدَاتُ، كله بصورة واحدة، قال الشاعر(٣):
  ١٧٣ - يا حَبَّذا القَمْرَاءُ وَاللَّيْلُ السَّاج
  وطرُقٌ مِثْلُ مُلاءِ النَّسَانٌ
  اعلم أنهم لَمّا بَنوا (حَبُّ) مع (ذا)، و (ذا) اسم للإشارة، والإشارة فيها إبهام جعلوه كالمَثَل(٤)، فلم يغيّروه عن صيغته فجاز أن يقع بعده المذكر والمؤنث،
(١) انظر شرح الكافية للرضي: ٢/ ٣١٨.
(٢) نسب ذلك صاحب الهمع إلى الأخفش والفارسي والربعي: ٢/ ٨٩.
(٣) نسبه في اللسان (سجا) إلى الحارثي.
١٧٣ - البيتان من مشطور الرجز.
وهما في الكامل: ١/ ٢٨٣، والخصائص: ٢/ ١١٥، وابن يعيش: ٧/ ١٣٩، ١٤١، واللسان: (سجا) و (قمر). القمراء: الليلة المنيرة بنور القمر. الساج: الساكن الملاء: جمع ملاءة.
(٤) في الأصل رسمت: (كا المثل).