البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب حبذا

صفحة 480 - الجزء 1

  والرابع: أن تجعل (زيدا) بدلاً من (ذا) ويكون (ذا) هو الفاعل⁣(⁣١) ويجوز فيه أيضاً ما جاز في (زيد) في باب (نعم، وبئس) إذا قلت: نعم رجلاً زيد. وقد مضى تفسيره.

  فأما النكرة فمنصوبة على التمييز على ما ذكره والدليل على صحة ذلك أنك تقدر (من)، فتقول: حَبذا زيد رجلاً، أي: من رجل، والعامل في التمييز (حَبَّذا). وقال قوم⁣(⁣٢): إِنّه ينتصب على الحال، ويكون التقدير: حَبَّذا زيد في حال رجوليته. ويجوز أن تنصبه بـ (أعني). وكل جائز.

  قال: «وَ (حَبَّذا) مع الواحد والواحدة والاثنين والاثنتين والجماعة بلفظ واحد؛ لأنه جرى مجرى المثل، تقول: حَبَّذا زيد، وحَبَّذا هند. / ولاتقول: (حَبَّدَهُ)، وكذلك: حَبَّذا الزَّيْدَانِ، وحَبَّذا الزَّيْدُونَ، وحَبَّذا الهِنْدَاتُ، كله بصورة واحدة، قال الشاعر⁣(⁣٣):

  ١٧٣ - يا حَبَّذا القَمْرَاءُ وَاللَّيْلُ السَّاج

  وطرُقٌ مِثْلُ مُلاءِ النَّسَانٌ

  اعلم أنهم لَمّا بَنوا (حَبُّ) مع (ذا)، و (ذا) اسم للإشارة، والإشارة فيها إبهام جعلوه كالمَثَل⁣(⁣٤)، فلم يغيّروه عن صيغته فجاز أن يقع بعده المذكر والمؤنث،


(١) انظر شرح الكافية للرضي: ٢/ ٣١٨.

(٢) نسب ذلك صاحب الهمع إلى الأخفش والفارسي والربعي: ٢/ ٨٩.

(٣) نسبه في اللسان (سجا) إلى الحارثي.

١٧٣ - البيتان من مشطور الرجز.

وهما في الكامل: ١/ ٢٨٣، والخصائص: ٢/ ١١٥، وابن يعيش: ٧/ ١٣٩، ١٤١، واللسان: (سجا) و (قمر). القمراء: الليلة المنيرة بنور القمر. الساج: الساكن الملاء: جمع ملاءة.

(٤) في الأصل رسمت: (كا المثل).