باب معرفة ما ينصرف ومالا ينصرف
  بها، وقد كسروها تكسير الأسماء، نحو قولهم: (أساوِدَ، وَأَداهِمَ). ومنهم(١) من لا يصرفها، ويقول: إن معنى الصفة باق فيها؛ لأنا نفهم الأسود والأدهم قبل التسمية، فكأنّهم سموا بها والصفة باقية بحالها. واحتجوا بأن تكسيرها تكسير الأسماء لا يُخْرِجُها عن باب الصفات بدليل أن (أبطَحَ، وَأَجْرَعَ) قد كُسر(٢) على (أباطح، وأجارع) والوصف لازم لهما؛ لأنّ (أبْطَحَ) اسم للمكان المُنْبَطِحِ، و (أجْرَعَ) اسم للمكان المُسْتَوي، وكذلك تقول منه: (جَرْعاءُ)، ومن (أبطح)، (بطحاء)، ومنه (بطحاءُ مَكَّةَ). ومن ذلك (أجْدَل) اسم للصفر، و (أخْبَل) اسم للطائر، و (أفعى) اسم للحية، فمن العرب(٣) مَن يصرفها نكرة لزوال الصفة منها؛ لأنك لا تقول: صقر أجدلُ، وطائر أخيلُ. فإن تعرفت(٤) لم تصرفها للتعريف ووزن الفعل. ومنهم من لا يصرفها نكرة لوزن الفعل والصفة، ويقول: إن معنى الصفة باق فيها وإن سُمِّيَ بها لان الجدل(٥): هو القُوَّةُ، والأخيلُ: فيه معنى الصفة، وكذلك (أفعى) حيّة فيها خُبْثُ.
  وأما(٦) (أَفْعَلُ مِنْكَ) فإنّه لا ينصرف أيضًا للصفة ووزن الفعل. وقد يحذفون (من) وهي مرادة، نحو قولهم: زيد أعلم يريدون: من عمرو(٧). وقولنا: الله أكْبَرُ، نريد(٨) أكبر من كل شيء. فإن حذفت الهمزة من (أَفْعَلَ) انصرف، نحو
(١) انظر ما ينصرف وما لا ينصرف: ١١.
(٢) في (ع): (كُسر) بصيغة المفرد، وهو تحريف.
(٣) انظر ما ينصرف وما لا ينصرف: ١٠.
(٤) في الأصل: (تعريف)، وهو تحريف والتصويب من (ع).
(٥) في (ع): (الأجدل)، وهو تحريف.
(٦) في (ع): (فأما).
(٧) في الأصل: من زيد وهو سهو والتصويب من (ع).
(٨) في الأصل: (يريدون)، وما أثبته من (ع)؛ لأنّه يناسب قوله: (وقولنا) قبل ذلك.