البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب الموصول والصلة

صفحة 601 - الجزء 1

  قال: «الحروف الموصولة ثلاثة⁣(⁣١): (ما) و (أ) الخفيفة، و (أن) الثقيلة. ومعاني جميعها بصلاتها المصادر، تقول: سَرني ما قمت، أي: قيامكَ، وَعَجِبْتُ مما قعدت أي: من قعودك، قال الله سبحانه: {بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ١٠}⁣(⁣٢) أي بتكذيبهم.

  وأما (أَنَّ) الثقيلة، فقد مضى ذكرها في بابها وأنها⁣(⁣٣) تنصب الاسم، وترفع الخبر، ومعناها معنى المصدر.

  وأما (أن) الخفيفة فهي الناصبة للفعل، والفعل بعدها أيضًا صلة لها، تقول: أريد أن تقوم، ويسرني أن تذهب».

  اعلم أن هذه الحروف الموصولة لا تحتاج إلى ضمير يعود إليها من صلاتها، كما احتاجت الأسماء الموصولة، وذلك لضعف الحروف ونقصانها عن قوة الأسماء. ومعاني هذه الحروف لا تتم إلا بصلاتها.

  فأما (أَنَّ) المشدّدة فتوصل بالمبتدأ والخبر وهي الداخلة عليهما، وقد ذكر حكمها في بابها مع أخواتها.

  فأما (ما) فإن صلتها بالفعل والفاعل، وتكون للحال ولما أنت فيه، وتكون صلتها في موضع رفع ونصب وجر، نحو قولك: أعجبني ما صنعت، أي صنيعك⁣(⁣٤)، وعجبتُ مما صنعت، أي: من صنيعك، وشهدت ما صنعت؛ أي شهدت صنيعك.


(١) في (مل): (باب الحروف الموصولة وهي ثلاثة ...).

(٢) البقرة: (١٠).

(٣) في (مل)، (بأنها).

(٤) في (ع): (أي ما صنيعك) بإقحام (ما)، وهو خطأ.