البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب الموصول والصلة

صفحة 605 - الجزء 1

  وأما مناب المصدر عن الفعل فقولهم: سَقيا لَهُ وَرَعْيا، يريدون: سقاه الله ورعاه، فلما وقعت المشابهة بينهما من هذه الوجوه أُعْمل المصدر عمل الفعل⁣(⁣١)، ولم يراعوا ماضيه من مستقبله، كما راعوا ذلك في اسم الفاعل فاعملوا المستقبل للمضارعة، وأبطلوا عمل الماضي. إلا أن المصدر لا يتقدم عليه شيء من معموله، ولا يُفصل بينه وبين معموله بأجنبي؛ لأن الشيء إذا أشبه الشيء لابد أن يكون أنقص رُتْبَةً مِنْهُ. فالفعل يتقدم عليه معموله، ويُفْصَلُ بينه وبين معموله بالأجنبي؛ لأنه الأصل في العمل.

  والمصدر اسم يدخله الرفع والنصب والجر، وكان من حقه أن لا يعمل في غيره، وإنما عمل بالمشابهة كما بَيَّنَا، فَأَلْزِمَ طريقةً واحدة حتى لا يساوي الأصل. فإذا نونت⁣(⁣٢) المصدر كان أبلغ في عمله؛ لأنّ التنوين من علامة التنكير، فإذا تنكر المصدر دلّ على استبهامه، وكان أوغل في شبه الأفعال؛ لأن الأفعال نكرات، فيرفع ما يقع بعده إن كان فاعلاً، ونيصبه إن كان مفعولاً على حكم ما يعمل الفعل لما بينا.

  قال: «فإن كانت⁣(⁣٣) فيه اللام فكذلك أيضًا، تقول: عجبت من الضرب زيد عمراً؛ أي من أن ضرب زيد عمراً، قال الشاعر⁣(⁣٤):

  ٢٢١ - لَقَدْ عَلِمَتْ أولى المغيرة أنني ... كررت فلم أنَّكُل عَنِ الضَّرْب مسمعا


(١) في (ع): (عمل العموم، وهو وهم.

(٢) في الأصل: (نويت) وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٣) في (مل): (كان).

(٤) نسبه سيبويه إلى المرار الأسدي، ونُسب إلى مالك بن زغبة الباهلي. انظر الخزانة والمقاصد.

٢٢١ - البيت من الطويل.

وهو في سيبويه ١/ ٩٩، والمقتضب: ١/ ١٥٢، والجمل: ١٣٦، والإيضاح: ١/ ١٦١، والمرتجل: ٢٤٥، وابن يعيش: ٦/ ٦٤، والخزانة: ٣/ ٤٣٩، والمقاصد: ٣/ ٤٠، ٥٠١.

وعجزه في ابن يعيش: ٦/ ٩، والهمع: ٢/ ٩٣.

النكول: الرجوع عن القرن جبنا مسمع: اسم عميدهم.