باب التصغير
  فصغر جبلاً(١)، ثُمَّ قال: سامِقُ الرَّأس، والسامق: هو(٢) العالي: فَعَلِمَ أن المراد به التعظيم.
  وجميع ذلك يرجع إلى معنى التحقير. فأما الدويهية فإنّما قصد أن حتف الإنسان قد يكون بصغير الأمر الذي لايؤبه له ولا ينتظر. وأما فُوَيْقٌ جُبَيْل فإنه أراد التصغير، وقوله: سامق الرأس فإنّه أراد طويلاً فصغره لدقته. وأنه إذا كان كذلك فهو أشد لصعوده.
  وأما أخي، وصديقي، وأصيحابي، فالمقصود به لطف المنزلة في الأخوة والصداقة، والصحبة، وأنه يصل بذلك إلى ما لا يصل إليه بالتعظيم(٣) فَعلم أنه يرجع إلى التصغير.
  فإن قال قائل: فلم ضموا أول الاسم المصغر؟
  قيل له: الفتحة(٤) اختص بها جمع التكسير، نحو قولنا: مصحف ومصاحف فبقي معنا الضم والكسر، فلو كسر أوله لاجتمعت الكسرة مع الياء الزائدة للتصغير، وقد يقع بعد الياء حرف مكسور فيما زاد على ثلاثة أحرف، نحو: عُقيرب، وكان يؤدي إلى اجتماع كسرتين وياء في الكلمة، وذلك ثقيل فعدلوا إلى الضم ليكون الضمّ بإزاء الياء والكسرة. وقال بعضهم: إن الاسم المصغر لما دلّ على الاسم وعلى التصغير جرى مجرى فعل ما لم يُسَمَّ فاعله؛ لأنه دلّ على فاعل محذوف وعلى مفعول مذكور فدل على شيئين فكذلك الاسم
(١) في الأصل: (جميل)، وهو وهم، والتصويب من (ع).
(٢) (هو): ليست في (ع).
(٣) في (ع): (بالعظم)، وهو تحريف.
(٤) في (ع): (... إن الفتحة).