البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب الاستفهام

صفحة 670 - الجزء 1

  وما أشبه ذلك. ولا يكون جوابها: زيد، ولا عمرو، فإن جعلت الصفة في موضع الموصوف على العموم جاز أن تقع على ما يعقل، ومن كلام العرب: «سُبْحانَ ما⁣(⁣١) سَخَّرَكُنَّ لَنا، وَسُبْحانَ ما يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بحمده»، وقال ø: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا ٥}⁣(⁣٢) قال قوم: معناه وَمَنْ بَناها⁣(⁣٣)، وقال قوم معناه: وبنائها⁣(⁣٤).

  وَتَجيءُ (ما)⁣(⁣٥) في الكلام على عشرة أوجه وهي: الاستفهام، والجزاء، وموصولة، وموصوفة، وللتعجب، فهي في هذه الخمسة اسم، وتجيء جَحْدًا وَصِلَةً، وكافة، ومُسَلَّطَةً، ومُغَيِّرَةً لمعنى الحرف، وهي في هذه الخمسة حرف.

  فأما الاستفهام فقولك: ما عندك؟ على ما تقدم بيانه. وأما الجزاء فنحو قولك: ما تَفْعَلْ تُجازَ عَلَيْهِ، قال الله تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا}⁣(⁣٦) وقد مضى ذكرها في المجازاة⁣(⁣٧).

  والموصولة تكون بمعنى (الذي)، وقد تقدّم بيانه بما يُغني عنه، ومنه قوله تعالى: {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٩٧}⁣(⁣٨) معناه - والله أعلم - بأحسن الذين كانوا يعملون.


(١) في الأصل: (سبحان من ...)، وهو وهم، والتصويب من (ع).

(٢) الشمس: (٥).

(٣) نسب ذلك إلى الحسن البصري ومجاهد وأبي عبيدة: انظر البحر المحيط: ٨/ ٤٧٨، ومجاز القرآن: ٢/ ٢٠٠.

(٤) نسب ذلك إلى قتادة والمبرد والزجاج. انظر البحر المحيط: ٨/ ٤٧٨، وانظر إعراب القرآن للنحاس: ٣/ ٧١١.

(٥) في الأصل: (بها) وما أثبته من (ع).

(٦) فاطر: (٢).

(٧) في (ع): (في باب المجازاة).

(٨) النحل: (٩٧).