باب الاستفهام
  قال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ}(١). فإذا دخلت (أم) على الاستفهام فإنّها تدخل عليه من حيث كانت عطفا لا استفهاماً.
  فأما (هَلْ) فهي وإن كانت حرف استفهام فإنها لا تَخْلُص للاستفهام؛ لأنها قد جاءت بمعنى (قد)، وإذا كانت بمعنى(٢) (قد)، لم يجز أن تقع بعدها الأسماء، كما لا يجوز وقوعها بعد (قد)، وعند (الفراء)(٣) أنها تكون جَحْدا وخبراً، ويتأول قوله تعالى: هَلْ أَتَى عَلى الإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ(٤) على الخبر. والله أعلم.
  قال: «واعلم أن (ما، ومَنْ وأَيَّا) في الاستفهام نكرات غير موصولات وجميع الأسماء والظروف المُستفهم بها مبنية لتضمنها معنى حرف(٥) الاستفهام، إلا (أيَّا) وحدَها، فإنّها معربة حملاً على (البعض) و (الكل). وَحُرِّكَتِ الفاء في (كَيْفَ) والنون في (أَيْنَ، وأَيَّانَ)(٦) لسكونها وسكون ما قبلها». اعلم أن (مَنْ، وما، وأيَّا) إذا وَقَعْنَ في الاستفهام والجزاء، لم يَحْتَجْنَ إلى صلات وكُن أسماء تامات على حدتِهِنَّ، ولا يَحْتَجنَ أيضًا إلى صفات، وذلك أن الصلة والصفة يُوضحان الموصول والموصوف ويُخصصانه، وأنت في هذه المواضع تقصد(٧) الشياع والإبهام، ألا ترى أن قولك: مَنْ تَضْرِبُ أَضْرِب، وما
(١) النمل: (٦٢).
(٢) في (ع): (... هل بمعنى قد).
(٣) انظر معاني القرآن للفراء: ٣/ ٢١٣.
(٤) الإنسان: (١).
(٥) في (مل): (... مبني غير معرب لتضمنه معنى حرف ...).
(٦) في (ع) و (مل): (والنون من أين ومن أيان).
(٧) في (ع): (بقصد).