البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب ما يدخل في الكلام فلا يغيره

صفحة 686 - الجزء 1

  والثاني: أن تُجْعَلَ (ما) غير كافة، وتكون بمنزلة (الذي)، ويكون المبتدأ محذوفا، و (هذا) خبره، و (الحمام) صفة لـ (هذا)، والتقدير: ليت الذي هو هذا الحمام لنا، وتكون (لنا) خبر (ليت)، واسمها (الَّذي) وصلتها، وقد وصلتها بالجملة من المبتدأ والخبر وحذفت المبتدأ لطول الكلام.

  وقد مضى تفسير معاني هذه الحروف في بابها.

  فأما (إِذْ، وإذا) فإنّهما ظرفان من ظروف الزمان، والدليل على أنهما اسمان إضافتهما إلى الجمل، وتضمّنهما معنى ما يجوز الإخبار عنه. فـ (إذ)⁣(⁣١) ظرف لما مضى، و (إذا) لما يُسْتَقْبَلُ، وبنيا؛ لأن معناهما في الزمان الذي نابا عنه، وبنيا على السكون؛ لأنه الأصل في المبنيات.

  فأما (إذ) فتقع بعدها الجملة من المبتدأ والخبر والجملة من الفعل والفاعل، تقول: جئت إذْ زيد جالس، وخرجتُ إِذْ⁣(⁣٢) خرج زيد. وهي مضافة في كلا الحالين. أما إضافتها إلى الجملة الاسمية فلا إشكال فيها؛ لأنّ الجمل تُضاف إليها، وأما الجملة الفعلية فإضافتها إليها على حد إضافة أسماء⁣(⁣٣) الزمان إلى الأفعال، نحو قوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ ٣٥}⁣(⁣٤). وإذا وقع بعدها المبتدأ والخبر، جاز أن يكون الخبر اسماً وفعلاً مستقبلاً، وقبح أن يكون فعلاً ماضياً، لا تقول: خَرَجْتُ إِذْ زيدٌ خَرَجَ، وإِنما كان كذلك؛ لأنّ (إِذْ) قد دلت على الماضي فَقَبحَ أن تأتي بماض آخر؛ لأنه لا حاجة إليه. و (إذ) لا يجازي بها، فإذا ضممت إليها (ما) تغير معناها فجوزي⁣(⁣٥) بها وقد مضى ذلك. وإِنَّما لَمْ يُجازَ بها؛ لأنّها


(١) في (ع): (فإذا)، وهو تحريف.

(٢) في (ع): (وخرج إذ ...).

(٣) في الأصل: (الأسماء) وهو خطأ، والتصويب من (ع).

(٤) المرسلات: (٣٥).

(٥) في الأصل: (فجوزوا)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).