البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب ما يدخل في الكلام فلا يغيره

صفحة 688 - الجزء 1

  البسرُ أَتَيْتُكَ.

  واختلفوا في الاسم الواقع بعدها فكان أكثر / النحويين يقول: هو مرفوع بفعل مضمر يدل عليه الظاهر كقوله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ١} تقديره - والله أعلم -: إذا انشقت السماء انشقت. وإنّما اعتبروا ذلك؛ لأن المجازاة لا تكون إلا بالأفعال دون الأسماء. وكان (سيبويه)⁣(⁣١) يذهب إلى أنه مرفوع بالابتداء ويحتج بأنّ (إذا) لَمّا كانت غير عاملة في الفعل الواقع بعدها كعمل (إن) جاز أن يرتفع ما بعدها بالابتداء، وتصح المجازاة به وبالفعل بعده.

  ولـ (إذا) موضع آخر، وهو أن تقع في جواب الشرط نائبة عن الفاء⁣(⁣٢)، نحو قول القائل: إِنْ تَأْتِني فَأَنا مُكْرِمُكَ⁣(⁣٣)، وإِن شئت قلت: إِنْ تَأْتِنِي إِذَا أَنَا مُكْرِمٌ لك، قال الله تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ ٣٦}⁣(⁣٤) تقديره - والله أعلم -: فَهُمْ يَقْنَطُونَ⁣(⁣٥).

  ولها موضع آخر تكون فيه اسما للمكان وظرفا من ظروفه، وتُسمّى إِذا المُفاجَأَة نحو قولك: خرجتُ فإذا زيد خارج، أي فَاجَأَنِي فَفَاجَأَتُهُ.

  فأما (هَلْ) وهمزة الاستفهام فإنّهما تدخلان على الجملتين، فتحدثان فيهما الاستفهام ولا تُغيرانهما عما كانا عليه، وقد مضى شرحهما فيما تقدم.

  قال: «وتقول: أين زيد قائم وقائما؟ وكيف زيد جالس وجالسا؟ إن جعلت (أين) و (كيف) لغواً رفعت الخبر، وإن علقتهما بمحذوف


(١) الكتاب: ١/ ٥٤.

(٢) في (ع): (عن الفعل)، وهو وهم.

(٣) في (ع): (فأنا مكرم لك).

(٤) الروم: (٣٦).

(٥) في الأصل: (فإذا هُمْ ...) بإقحام (إذا)، والتصويب من (ع).