البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب ما يدخل في الكلام فلا يغيره

صفحة 689 - الجزء 1

  وجعلته⁣(⁣١) مستقراً، نصبت قائماً وجالسًا على الحال⁣(⁣٢). فإذا⁣(⁣٣) قلت: متى زيد قائم، رفعت قائمًا أَلْبَتَّةَ؛ لأن (متى) ظرف زمان، وظروف الزمان لا تكون أخباراً عن الجثث، ولكن لو قلت: متى انطلاقك سريع، وسريعا فرفعت أو نصبت كان مستقيماً؛ لأن الانطلاق حدث، وظروف الزمان تكون أخباراً عن الأحداث».

  اعلم أن (أَيْنَ، وَكَيْفَ) ظرفان من ظروف المكان وقد مضى الكلام في بنائهما وفي حركة آخرهما بما يُغني عن إعادته، وإذا⁣(⁣٤) قلت: أين زيد؟ وكيف عمرو؟ فـ (زيد، وعمرو) مبتدآن، وأين وكيف استفهام، والاستفهام لا يكون خبراً، ولكنهما / سدا مسدّ الخبر، وقاما مقامه، وتقدما على المبتدأ لما فيهما من الاستفهام؛ لأن الاستفهام له صدر الكلام.

  وقد مضى أن الظروف تنوب عن الخبر الذي هو (مُسْتَقِرٌّ) أو (كائن)؛ لأنك إذا قلت: زيد خلفكَ، فالتقدير: مستقر خلفك فحذفت (مستقراً) للعلم به، وأقمت الظرف مقامه، فانتقل الضمير إليه.

  فإذا قلت: كيف زيد جالس؟ فـ (زيد) مبتدأ، و (جالس) خبره، و (كيف) ظرف، والعامل فيه (جالس)، وليس ثَمَّ شيء محذوف، فصارت (كيف) لغواً. فإن نصبت (جالسًا) كانت (كيف) نائبة عن (مستقر) أو (كائن)، وهو العامل فيها، وموضعها رفع بخبر المبتدأ، وتنصب (جالسًا) على الحال. وكذلك الكلام في (أَيْنَ).


(١) في الأصل و (مل): (وجعلتهما) وهو سهو، والتصويب من (ع).

(٢) في (مل): (على الحال بهما).

(٣) في (ع) و (مل): (وإذا).

(٤) في (ع): (فإذا).