البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب الخطاب

صفحة 698 - الجزء 1

  فيقال: ذَلِكُما / وذلِكُمْ والحروف لاتثنى ولا تجمع، فدل ذلك على أنها اسم⁣(⁣١).

  قيل له: هذه الكاف كانت في الأصل اسما، ثمَّ خُلِعَ منها معنى الاسمية عند اتصالها بالمبهمات، وثُنيَت وجمعت مراعاة لأصلها الذي كانت عليه أولاً، ومما يجري مجرى هذه الكاف في كونها حرفا الكاف في (النَّجاكَ)؛ لأن الألف واللام فيها للتعريف ولا يصح إضافة ماهو معرفة بالألف واللام؛ لأن التعريف كان يزول عنه بالإضافة، ولا يصح القول بأن الألف واللام فيه زائدتان كما زيدا في الخَمْسَةَ عَشَر؛ لأنك تقول: خَمْسَةَ عَشَرَ، ولا تقول نَجاكَ نَجاكَ، فَعُلِمَ أنهما للتعريف. ولا يصح القول بأنها⁣(⁣٢) جارية مجرى (عندك، ودونك، وعليك، وإليك)؛ لأنّ هذه الأسماء أُضيف إليها ما يُتَصَوَّر إضافته، وقد بينا انتفاء الإضافة في تيك.

  واعلم أن الخطاب يفتقر إلى مخاطب، ومخاطب، ومسؤول عنه، ولما كان كذلك جعلوا أول كلامهم لما يُشار إليه وآخره للمخاطب، فإذا سألت رجلاً عن رجل قلت: كَيْف ذاكَ الرَّجُلُ يَا رَجُلُ؟ فتفتح الكاف، وإن شئت أدخلت اللام، فقلت: كَيْفَ ذَلكَ الرَّجُلُ يَا رَجُلُ؟ فـ (ذا) اسم موضوع للإشارة لمن بحضرتك، وموضعه رفع بالابتداء، و (كيف) خبر عنه، و (الرَّجُلُ) صفة لـ (ذا) واللام دخلت علامة للمتباعد، وإن سألت امرأةً عن رجل قلت: كَيْفَ ذلك الرَّجُلُ يَا امْرَأَةُ؟ فتكسر الكاف؛ لأنّها خطاب للمرأة، قال الله تعالى: {كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ}⁣(⁣٣). فأما (تلك) و (تيك) فإشارة إلى المؤنَّث فإذا سألت رجلاً عن امرأة قلت: كيف تيك؟ وإِن شئت: تِلْكَ المَرْأَةُ يَا رَجُلُ؟ فتفتح الكاف؛ لأن الخطاب للمذكر، وإن جعلت مكان الرّجل امرأة كسرتها وإن سألت رجلين عن رجل قلت: كَيْفَ ذانكما الرَّجُلُ⁣(⁣٤) يا رَجُلان، وإِن شئتَ شَدَّدت النون.


(١) في (ع): (أسماء).

(٢) في الأصل: (بأنهما)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٣) آل عمران: (٤٧).

(٤) في الأصل: (الرجلان)، وهو خطأ، والتصويب من (ع).