الفصل الثالث توثيق الكتاب
  والجواب(١) أنَّ هذا غير صحيح؛ لأنَّ التَّقدير: قَلَّ دَوامُ وِصال على طول الصدود، وهذا المعنى الَّذِي عُقدَ عليه البَيْتُ.
  والذي كان يعتمده شيخنا في حد الفعل: ما دَلَّ على حدث وزمان ماض أو مستقبل أو ما يكون عاما في حاضر ومستقبل. وهذا معنى حد (سيبويه)، وسيجيء بيان ذلك عند ذكر الأفعال إن شاء الله.
  قال أبو الفتح: «والحرف ما لم تَحْسَنُ فيه علامات الأسماء ولا علامات الأفعال وإنما جاء لمعنى في غيره، نحو: (هَلْ) و (بَلْ) وَ (قَدْ)، ألا ترى أنَّك(٢) لا تقول: (مِنْ هَلْ)، ولا: (قَدْ هَلْ). ولا تَأْمُرُ به».
  اعْلَمْ أَنَّهُ لَمَا بَيَّنَ علامة الاسم وعلامة الفعل، لم يبق غير الحرف، فقال: «ما لا تَحْسُنُ فيه علامات الأسماء، ولا علامات الأفعال» فهو حرف. فهذا أيضا(٣) ليس بحد، وإنما هو على سبيل التعليم. ثم قال: «والحرف ماجاء لمعنى في غيره» وهذا حد، لأنَّ الحروف معانيها في غيرها، والأسماء والأفعال معانيها في أنفسها ألا ترى أننا إذا قلنا: (زَيْدٌ) و (عَمْرُو) و (فَرَسٌ) و (رَجُلٌ) فمعانيها في أنفسها، وكذلك إذا قُلْنا: (ضَرَبَ) و (قتل) و (انْطَلَقَ) فُهِمَتِ المعاني، وإذا قُلْت: (مِنْ) و (عَنْ) و (قَدْ) و (رُبَّ) فلا يُفهم المعنى إلا بأن يضم الحرف إلى اسم أو فعل فقد صارت / معاني الحروف في غيرها ومعاني الأسماء والأفعال في أنفسها. و (سيبويه) أشار إلى هذا الحد في كتابه فقال: والحرف ما جاء
(١) في (ع): (فالجواب).
(٢) (ألا ترى أنك): ليست في (مل).
(٣) (أيضاً): ساقطة من (ع).