البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب المعرب والمبني

صفحة 24 - الجزء 1

  ومعناه في غيره. وما كان في النداء، نَحْو: يا زَيْدُ، و ياعَمْرُو، فإِنَّهُ بـ موقع أسماء الخطاب على ما يجيء بيانه في بابه إن شاء الله.

  فأما الأفعال المضارعة فقد ذكَرْتُ وجه المضارَعَةِ. فَإِنْ قال قائل: لِمَ اخْتاروا هذه الحروف / للمضارَعَة دون سائر حروف الزيادة؟ قيل له: أولى الحروف بالزيادة في أوائل هذه الأفعال حروف المد واللين؛ لأنَّها أُخذَتْ منها الحركات، أو هي مأخوذة [من الحركات]⁣(⁣١) على الاختلاف الواقع فيها⁣(⁣٢). فأما الألف فلا سبيل إلى وقوعها أولاً لسكونها، ولا يُمكنُ النطق بالساكن، فجعلوا⁣(⁣٣) مكانها أقرب الحروف منها، وهي الهَمْزَةُ؛ ولأنَّ الهمزة تقع زائدة أولاً كثيراً فأوقعوها موقع الألف. وأما الواو فإنَّها لا تقع زائدةً أَوَّلاً في حكم التصريف، فَأُبْدِلَ منْها حرف يُبْدَلُ منها كثيراً، وهي⁣(⁣٤) التّاءُ ألا ترى أنَّهم قالوا: (تُخْمةٌ) والأصل فيها: (وُحْمَةٌ)؛ لأنَّها⁣(⁣٥) من (الوَخامَة)، وقالوا: (تُراث) والأصل فيه: (وراث) (لأنه من (وَرَثْ)، وقالوا: (اتَّعَدَ) وهو (افْتَعَلَ) من (الوَعْدِ)، وقالوا:


(١) تكملة من (ع).

(٢) انظر الأشباه والنظائر ج ١ ص ١٧٢.

(٣) هنا وقع تقديم وتأخير في الأصل (ج) أَقَمْتُهُ مستعينا بالنسخة (ع). ففي الأصل ورد الكلام على النحو الآتي «... بالساكن فجعلوا كثيراً فأوقعوها ... فيها غنة من الخيشوم، مكانها أقرب الحروف منها ... تقع زائدة تجري فيه .... المد واللين أولاً ويبدل منها الألف» والسبب في ذلك يعود إلى أن ناسخ (ج) حين نسخها عن الأصل (ظ) أخطأ في وضع العبارة التالية: «مكانها أقرب الحروف منها وهي الهمزة وتقع زائدة» والتي أظن أنها كانت مكتوبة على هامش الكتاب بعد مقابلة الأصل (ظ) على النسخة التي نقل عنها، إذ جرى ناسخ (ظ) على إثبات ما أسقطه في الهامش بعد المقابلة.

(٤) كذا في الأصل وفي (ع)، ولعل الأفضل (وهو).

(٥) في (ع): (لأنه).