باب الإعراب والبناء
  خاصةً، فلذلك أُخَّرَ عن الجرِّ(١)؛ لأنَّ الأسماء أقوى من الأفعال على ما مضى.
  فإن قال قائل: لم كان الإعراب بالحركات دون الحروف؟ قيل له: لما كان القصد بالإعراب الإيجاز، والإيجاز في الحركات أكثر من الإيجاز بالحروف؛ لأن الحركات أبعاض الحروف(٢) التي هي حُروف المد واللين، وبعض الشَّيْء أقل من كله، فلذلك جعلوا الإعراب بالحركات، ثُمَّ انضم إلى الحركات الجزمُ الَّذي هو عدمها فصار الإعراب أربعة أضرب.
  قال شيخنا أبو القاسم - فيما أمله علينا من شرح الإيضاح (لأبي علي): والرَّفْعُ والنَّصْبُ والجَرُّليس بحركة في الحقيقة، وإنما الحركة الضم / والفتح والكسر، فهذه(٣) هي الحركاتُ وإِنَّما الرَّفْعُ والنَّصْبُ والجَرُّ أسماء للإعراب الَّذِي هو الحركات(٤)، فتجري عليه على سبيل التَّوَسع. والدليل على صحة ذلك أنَّك إِذا قُلْتَ: جاء الرَّجُلُ فـ (الرَّجُلُ) فاعل لهذا الفعل وهو مرفوع، فإذا قيل لك: ما علامة الرفع؟ قلت: ضمُّ اللام، فعلِمَ أنَّ الرفع اسم للإعراب وليس بإعراب حقيقي. وإِنَّما سُمِّيَ الرَّفْعُ رَفْعًا؛ لأنَّه بارتفاعه يرتفع الكلام. [وقال بعضهم: سَمَوهُ رَفْعًا؛ لأنَّه أول الكلام](٥) فَسَمَّوه باسم عال. وقال بعضهم: سُمِّيَ رَفْعًا؛ لأنَّهُ يكون بضم الشَّفَتَيْنِ، وهما من أرفع الفم.
  وأما(٦) النَّصْبُ فَسُمِّيَ نَصْبا؛ لأنَّهُ وُجِدَ بَعْدَ الرَّفْعِ، فَكَأَنَّكَ نَصَبْتَهُ عَلَيْهِ،
(١) في الأصل: (الخبر)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٢) في الأصل: (حرف)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٣) في (ع): (هذه) دون الفاء.
(٤) (الحركات): ساقط من (ع).
(٥) تكملة من (ع).
(٦) في (ع): (فأما).