البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب الإعراب والبناء

صفحة 29 - الجزء 1

  خاصةً، فلذلك أُخَّرَ عن الجرِّ⁣(⁣١)؛ لأنَّ الأسماء أقوى من الأفعال على ما مضى.

  فإن قال قائل: لم كان الإعراب بالحركات دون الحروف؟ قيل له: لما كان القصد بالإعراب الإيجاز، والإيجاز في الحركات أكثر من الإيجاز بالحروف؛ لأن الحركات أبعاض الحروف⁣(⁣٢) التي هي حُروف المد واللين، وبعض الشَّيْء أقل من كله، فلذلك جعلوا الإعراب بالحركات، ثُمَّ انضم إلى الحركات الجزمُ الَّذي هو عدمها فصار الإعراب أربعة أضرب.

  قال شيخنا أبو القاسم - فيما أمله علينا من شرح الإيضاح (لأبي علي): والرَّفْعُ والنَّصْبُ والجَرُّليس بحركة في الحقيقة، وإنما الحركة الضم / والفتح والكسر، فهذه⁣(⁣٣) هي الحركاتُ وإِنَّما الرَّفْعُ والنَّصْبُ والجَرُّ أسماء للإعراب الَّذِي هو الحركات⁣(⁣٤)، فتجري عليه على سبيل التَّوَسع. والدليل على صحة ذلك أنَّك إِذا قُلْتَ: جاء الرَّجُلُ فـ (الرَّجُلُ) فاعل لهذا الفعل وهو مرفوع، فإذا قيل لك: ما علامة الرفع؟ قلت: ضمُّ اللام، فعلِمَ أنَّ الرفع اسم للإعراب وليس بإعراب حقيقي. وإِنَّما سُمِّيَ الرَّفْعُ رَفْعًا؛ لأنَّه بارتفاعه يرتفع الكلام. [وقال بعضهم: سَمَوهُ رَفْعًا؛ لأنَّه أول الكلام]⁣(⁣٥) فَسَمَّوه باسم عال. وقال بعضهم: سُمِّيَ رَفْعًا؛ لأنَّهُ يكون بضم الشَّفَتَيْنِ، وهما من أرفع الفم.

  وأما⁣(⁣٦) النَّصْبُ فَسُمِّيَ نَصْبا؛ لأنَّهُ وُجِدَ بَعْدَ الرَّفْعِ، فَكَأَنَّكَ نَصَبْتَهُ عَلَيْهِ،


(١) في الأصل: (الخبر)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٢) في الأصل: (حرف)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٣) في (ع): (هذه) دون الفاء.

(٤) (الحركات): ساقط من (ع).

(٥) تكملة من (ع).

(٦) في (ع): (فأما).