باب الإعراب والبناء
  وجعلته زيادة بيان للأصل. وقال بعضهم: سُمِّيَ نَصْبا؛ لأنَّه من الألف، والألف من أقصى الحلق.
  وأما(١) الجر فسمى جراً، لأنَّهُ ضِدُّ النَّصْب؛ لأنَّ النَّصبَ قصدوا به الإعلاء(٢)، والجر قصدوا به النزول، فكأنَّكَ جَرَرْت الاسم بعد نصبك له، وهو مُشْتَق من (جَرِّ الحَبْل)، وهذا الاشتقاق لفظاً لا معنى؛ لأن الجر ليس بضد للنصب(٣) معنى؛ لأنا نقول: إنَّ الجر والنصب فرعان، فهما أخَوانِ، فَتَحْمِلُ(٤) أحدهما على الآخر.
  فأما الجزم فسمي جزماً؛ لأنَّ الجُزْمَ هو القطعُ لحركة أو حرف ومنه قولهم: (جزَمْتُ الحَبْلَ) إذا قطَعْتُهُ، وتُسمّى الكتابة التي في أيدي الناس اليوم كتابة الجزم من حيث كانت(٥) مجزومةً من كتابة حمير؛ لأن كتابة حمير كانت أوسع من هذه الكتابة. وقيل: إِنَّ أوَّل من جزَمَها أَهلُ الأَنْبَارِ(٦).
  فالاسم تارة يكون مرفوعًا، وتارةً منصوبا، وكذلك الفعل يرتفع تارةً، وينتصب أُخرى. ثُمَّ ينفرد الاسم بالجر، وينفرد الفعل بالجزم. وجهَهُ رَفع الاسم غير جهة رفع الفعل. فرفع الاسم أبداً لما لا بُدَّ في الكلام منه، ويدخل تحت هذه العبارة الفاعل، والمبتدأ والخبر، ومفعولُ ما لم يُسَمَّ فاعله، واسم كان، وخبر إِنَّ؛
(١) في (ع): (فأما).
(٢) من (ع)، في الأصل (الأعلى)، وهو تحريف.
(٣) في (ع): (بضد النصب).
(٤) في (ع): (فتحمل) بتاء الخطاب.
(٥) في الأصل: (كتابة)، وهو سهو، والتصويب من (ع).
(٦) انظر المزهر للسيوطي ج ٢/ ٣٤٢ و ٣٤٦ وما بعدها. وانظر كتاب الخط العربي لمحمد طاهر الكردي.