النوع الرابع: المباهاة
  وقد يحسن من العالم الخامل الذكر أن يعتني بإظهار علمه بنحو أن يتكلم في المجامع بالمسائل الغامضة، ويتظهر بالتدريس ليقصده الناس(١) ليقع الإنتفاع بعلمه؛ لأنه نوع من الأمر بالمعروف، أو يفعل ذلك لقصد دفع الاستخفاف به المنهي عنه، وحطه عن درجته التي يستحقها؛ لأنه نوع من النهي عن المنكر.
  قال الإمام عز الدين #: الخطر في مثل هذا عظيم، وقلّ من يعرف ما في هذا الشأن من دقائق البوائق، وقد يلبس الشيطان على الإنسان فيخيل إليه أنه يفعل ذلك على الوجه المستحسن وهو في الحقيقة على الوجه المستقبح؛ لخبث الطبائع وطموح الغرائز إلى طلب الشرف، فالحذر من الاغترار(٢).
  ومن المكاثرة: التفاخر بالآباء والأجداد والأقارب الذين شرفوا بالأمور الدنيوية، لا بالدينية فلا بأس، إذ فيه رفع لمنار الدين(٣).
  ومن المكاثرة رفع البنيان والزخرفة فوق القدر المحتاج إليه قصداً للتطاول على مَنْ لا يتمكن من ذلك.
  فإذا عرفت الرياء وأنواعه فاعلم أن علامة المرائي(٤) التي ينبغي أن لا تعزب عن خاطر الإنسان كل لحْظة وطرفة فتسلم من خطرات
(١) في المخطوط: ويتظهر بالتدريس ليقع الإنتفاع بعلمه.
(٢) في المخطوط: فكان من الإغترار.
(٣) في المخطوط: إذ ذلك رفع لمنار الدين.
(٤) في المخطوط: الرياء.