التاسع: مجالسة الصالحين
التاسع: مجالسة الصالحين
  قد تقدم ما في الخلوة من المصلحة، وأنها ربما لا تُمْكن، فإن لم تمكن فعليه بمجالسة أهل الصلاح، فإنه لا بد للمجالِس أن يكتسب من قرينهِ ومجالسهِ، ويأخذ من خلائقه وطرائقه، قصد إلى ذلك أو لم يقصد؛ فلذلك إنه ينبغي أن يعمد إلى من تُرْتَضى خليقته، وتُحْمد طريقته، فيجعله قرينه وأنيسه، وخليطه وجليسه، ولعل الجليس الصالح خير من الوحدة، وليحذر من مجالسة مَنْ لا تقوى له ولا صلاح، فإن ذلك من دواعي الشر.
العاشر: الصمت
  قال ÷: «من صمت نجا»، وقيل: إن العبد إذا سكت تكلّم القلب ونوَّره الله تعالى، فاشتغل بالطاعة، وذَكَر وفكّر، ومن محاسنه وفضائله السلامة مما فشى وانتشر، وعمّ الورى والبشر - إلا من عصمه الله تعالى، وقليل ما هم - وهو الوقوع في الغيبة، والتلوث بدرن النميمة، فإن هاتين الرذيلتين - ولا سيما الغيبة - لا يكاد قليل الصمت يسلم من التضمخ بهما، ولا شك في (عظم)(١) موقعهما في العصيان؛ فإنه شيء نطق به القرآن، وتكاثرت فيه الأخبار، وورد فيه من الترهيب والوعيد الشديد ما لم يقدر قدره، فنعوذ بالله من فرطات اللسان، وهفوات الجنان.
(١) من المطبوع.