النوع الثالث: الرياء
  ومن الرياء أن يُوهم أنه فعل فعلاً ولم يفعله قاصداً الحمد عليه، وقد توعد الله عليه في قوله تعالى: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ}[آل عمران: ١٨٨] الخ، فلو أحب ذلك ولم يوهم أنه فعله قال الإمام عز الدين #: فالأقرب قبحه، لأن فيه محبة الكذب وما في(١) حكمه، ومن الرياء أيضاً أن يُري غيره أنه يأكل قليلاً ليُوصف بالقنوع، فلو تركه إيثاراً للغير ولئلا يُوصَف بكثرة النهم، فلا حرج في ذلك.
  فهذه المذكورة أنواع الرياء يحب التحرز عنها، ومجاهدة(٢) النفس في دفعها، والتيقظ لها لئلا يحبط العمل وهو لا يشعر، وترك الرياء هو من إخلاص العبادة الذي أمر الله به في قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[البينة: ٥].
  وضابط ذلك تسهيلاً لمعرفته أن نقول:
  العامل لا يخلو: إما أن يكون مريداً بعمله وجه الله مع كراهة أن يطلع عليه أحد، وهذا هو الذي بلغ أعلى درجات الإخلاص.
  أو يكون مريداً به وجه الله تعالى غير كاره أن يطّلع عليه، وهذا أيضاً يُعد مخلصاً إذ لا اعتداد بالكراهة فيه.
  أو يكون مريداً به وجه الله تعالى مع إرادة ظهوره عند الناس، وهذا هو المرائي، إذ فيه قصد مجموع الأمرين، وقد تقدم تحريمه.
(١) في المخطوط: وما فيه.
(٢) في المخطوط: ومدافعة.