المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[ثالثا: اضطراب الأصنام ونداء الذئب]

صفحة 102 - الجزء 1

  فأسرع عبد المطلب نحو⁣(⁣١) منزل آمنة فإذا هو بطيور ساقطة على حيطان الدار وسحابة بيضاء قد أظلت الدار بأجمعها، فلما دنا من الباب لم يطق الدخول من لمعان النور، فقرع الباب قرعا خفيفا.

  فقالت آمنة بخفي من صوتها: من هذا؟

  قال: أنا عبد المطلب، افتحي⁣(⁣٢) واعجلي قبل أن تتفقأ مرارتي وتتصدع كبدي.

  فوثبت آمنة وفتحت ودخل عبد المطلب فنظر إلى وجهها ففقد النور الذي بين عينيها فضرب بيده إلى ثوبه ليشقه، وقال: ويحك يا آمنة أنائم أنا أم يقظان؟

  قالت: بل يقظان، فما قصتك؟

  قال: ويحك يا آمنة أنا منذ الليلة في خوف ورعب فخبريني ما حال النور؟

  قالت: قد وضعت غلاما.

  قال: وأين وضعتيه، ولست أرى عليك أثر النفاس؟

  قالت: إن هذه الطيور التي ترى قد أطلت الدار لتنازعنيه منذ وضعته.

  قال عبد المطلب: ويحك فهلمّيه حتى أنظر إليه.

  قالت: إنه حيل بينك وبينه.

  فاشتد على عبد المطلب وقال: لئن لم تحرجيه لأقتلن نفسي، أتمنعيني من ولدي وولد ولدي.

  قالت: هو في ذلك المخدع فشأنك به.

  فوثب عبد المطلب ليدخل فصاح به صائح بصوت هائل: ارجع لا سبيل لك، ولا لأحد من الآدميين إلى هذا المولود حتى تنقضي عنه زيارة الملائكة⁣(⁣٣).


(١) في (ب): إلى.

(٢) نهاية صفحة [١٣ - أ].

(٣) انظر الأمالي الاثنينية (خ).