[ثالثا: اضطراب الأصنام ونداء الذئب]
  أين علمن بي هؤلاء، فاشتد(١) بي الأمر فأخذني المخاض فولدت محمدا ÷ فلما خرج من بطني درت فنظرت إليه، فإذا أنا به ساجد قد رفع اصبعيه إلى السماء كالمتضرع المبتهل(٢).
[ثالثا: اضطراب الأصنام ونداء الذئب]
  قال: وكان عبد المطلب ليلة إذ في جوف الكعبة يرم منها شيئا، إذ سمع تكبيرا عاليا: الله أكبر الله أكبر رب محمد المصطفى وإبراهيم المجتبى، ألا إن ابن آمنة الغراء قد ولد وقد انكشفت(٣) عنا سحائب الغمة إلى الرحمة، ثم اضطربت الأصنام وخرت على وجوهها(٤).
  فقال عبد المطلب: فدهشت، ثم خرجت من الكعبة في ليلة مقمرة فإذا أنا بذئب قد وقف بأعلى مكة وهو ينادي بصوت له رفيع عربي فصيح:
  يا آل غالب(٥) ألا فاسمعوا قد جاءكم النور الثاقب الذي به تستبهج الدنيا، فاتبعوه قبل أن تدنوا وتخذلوا، ثم مضى الذئب، وإذا بصوت رفيع من الجبل جبل أبي قبيس(٦): يا آل غالب ألا فاسمعوا لهذا المولود فإنه خيرة المعبود، فطوبى لمن آزره وتبعه ونصره(٧).
(١) في (أ، د): واشتد.
(٢) انظر: السيرة الحلبية (١/ ٤٦ - ٧٨)، طبقات ابن سعد (١/ ٧٨ - ٨٣)، تهذيب ابن عساكر (١/ ٢٨٢ وما بعدها)، السيرة النبوية (١/ ١٦٦ - ١٦٨)، دلائل النبوة للبيهقي (١/ ١٠٢) وما بعدها، الخصائص الكبرى للسيوطي (١/ ٤٥ - ٥٣)، الأمالي الاثنينية (خ)، سيرة ابن هشام (١/ ١٦٦ - ١٦٨).
(٣) في (ب): وقد انكشف.
(٤) في (د): وجهها.
(٥) هم آل غالب بن فهر، بطن من قريش من العدنانية، وهم: بنو غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر. انظر معجم قبائل العرب (٣/ ٨٧٥ - ٨٧٦)، تأريخ بن خلدون (٢/ ٣٢٤)، صبح الأعشى للقلقشندي (١/ ٣٥٢).
(٦) جبل أبي قبيس: وقيل: أبو قابوس، وأبو قبيس، اسمان لجبل مكة، ويقال: شيخ الجبال أبو قبيس، وقيل ثبير، انظر: معجم ما استعجم (٣/ ١٠٤٠)، الروض المعطار (٤٥٢).
(٧) انظر: مناقب آل أبي طالب (١/ ٢٩)، السيرة الحلبية (١/ ٦٧ وما بعدها)، طبقات ابن سعد (١/ ٨٠ - ٨٣)، البداية والنهاية (٢/ ٢٥٩ - ٢٧٣)، الأمالي الاثنينية (خ)، دلائل النبوة للبيهقي، والخصائص للسيوطي، ودلائل أبي نعيم.