[رابعا: حديث الرضا ع]
  بقطرة من لبن، «ونحن»(١) في سنة شهباء، قد جاع الناس فيها حتى خلص النهم(٢) الجهد، ومعي ابن لي والله ما ينام ليلنا، ولا أجد في ثدييّ شيئا أعلّله به، إلّا أنا نرجوا الغيث، وكانت لنا غنم فنحن نرجوها، فلما قدمنا مكة ما بقي منا أحد إلّا عرض عليها رسول الله فكرهناه وقلنا: إنه يتيم، وإنما يكرم الظئر(٣)، ويحسن الوالد، فقلنا: ما عسى أن تصنع لنا أمه أو عمه أو جده فكلّ صواحبي أخذت رضيعا، ولم أجد شيئا.
  فقلت لصاحبي: إني والله آخذ هذا اليتيم من بني عبد المطلب فعسى الله أن ينفعنا به، ولا أرجع من بين صواحبي لا آخذ شيئا.
  قال: أصبت، فأخذته(٤).
  قال ابن إسحاق في حديث غيره: فجاءني عبد المطلب بن هاشم يخطر في حلته، فقال:
  معاشر المراضع هل بقي منكن أحد «من الركب لم تأخذ رضيعا»(٥)؟
  فقلت: أنا.
  «فقال: تأخذي ولدي هذا»(٦)!
  فقلت: نعم، فأخذته، فو الله ما هو إلّا أن حملته على تلك الأتان الرزوم، فلقد كنت لا أقدر على لزمها من النهوض حتى أن النّسوة ليقلن: أمسكي علينا، هذه أتانك التي خرجت عليها؟
(١) ساقط في (أ، د).
(٢) النهم: لفظ مذكر: النهمة، وهي: الحاجة والشهوة في الشيء، والمعنى: أن الحاجة والشهوة للأكل قد خلصت - أي: أتمها الجهد والإعياء من شدة الجوع.
(٣) ظاءرت المرأة مظاءرة: أخذت ولدا ترضعه.
(٤) الخبر أورده كاملا ابن هشام في السيرة النبوية (١/ ١٧١ - ١٧٢)، وابن إسحاق في المبتدأ والمبعث والمغازي ص (٢٦ - ٢٨). دلائل النبوة والبيهقي في (١/ ١٣٣ وما بعدها)، ودلائل أبي نعيم (١١١ - ١١٣)، والوفاء لابن الجوزي (١/ ١٠٨)، والبداية والنهاية (٢/ ٢٧٣).
(٥) ساقط في (ب).
(٦) ساقط في (ب).