[من دلائل نبوته صلى الله عليه وآله سلم]
  فقلت: نعم.
  فقلن: إنها(١) كانت أرزمت حين أقبلنا فما شأنها؟
  فقلت: حملت عليها غلاما مباركا(٢).
  فخرجنا، فما زال يزيدنا الله في كل يوم خيرا حتى قدمنا والبلاد سنهة(٣)، فلقد كان رعاؤنا يسرحون ثم يروحون فتروح أغنام بني سعد جياعا، وتروح غنمي شباعا حفلا(٤)، فنحتلب ونشرب، فيقولون: ما شأن غنم الحارث بن عبد العزى وغنم حليمة تروح شباعا بطانا حقلا، وتروح غنمكم بشر جياعا؟! ويلكم اسرحوا حيث تسرح رعاتهم فيسرحون معهم فما ترجع إلّا جياعا كما كانت.
  قالت: وكان «رسول الله»(٥) ÷ يشب شبابا ما يشبهه أحد من الغلمان، يشب في اليوم شباب الغلام في الشهر وفي الشهر شبابه في السنة.
  فلما استكمل سنتين أقدمناه مكة أنا وأبوه وكنا والله لا نفارقه أبدا ونحن نستطيع، فلما أتينا أمه قلت لها: إني ظئر(٦)، والله ما رأينا صبيا قط أعظم بركة منه، وإنّا نتخوّف عليه وباء مكة وأسقامها فدعينا نرجع به حتى ترين من رأيك.
(١) نهاية صفحة [١٥ - أ].
(٢) في (ب، ج): والله إني لقد حملت عليها غلاما مباركا.
(٣) المعنى بلاد مجدبة أصابها الجدب الشديد.
(٤) في (ب، ج): شباعا بطانا حفلا، والحفل: هو أن لا تحلب الشاة أياما ليجتمع اللبن في ضرعها للبيع، وسميت الناقة والشاة والبقرة بالمحفلة؛ لأن اللبن حفل في ضرعها، أي جمع، والمعنى أنهن شباعا مملوات باللبن، كأنهن حفل. لسان العرب، مادة (حفل).
(٥) ساقط في (ب).
(٦) أي مرضعة.