المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[رواية أخرى في شق صدره صلى الله عليه وآله سلم]

صفحة 113 - الجزء 1

  لأقضي حاجة، فسمعت هدّة شديدة، فالتفت فلم أره فقلت: معاشر الناس أين صبيي، فو اللّات والعزى لئن لم أره لأرمينّ بنفسي من شاهق هذا الجبل.

  فقالوا: ما رأينا شيئا.

  فقال لي شيخ: لا تبكي أنا أدلّك على من يعلم علمه، ادخلي على هبل فاطلبي إليه.

  قلت: ثكلتك أمك⁣(⁣١) كأنك لم تر ما نزل باللّات والعزى ليلة ميلاده.

  قالت: فدخل على هبل وأنا أنظر إليه، فطاف بهبل أسبوعا ثم رفعت⁣(⁣٢) حاجتي، فما كان إلّا أن انكب هبل على وجهه وتساقطت الأصنام، وسمع صوتات⁣(⁣٣): هلكت الأصنام ومن يعبدها.

  فوجهت حليمة إلى أختها جميلة في وجهة، وصارت نحو مكة، فإذا بعبد المطلب فلما رآها قال: أهلا وسهلا يا حليمة.

  فقصت عليه افتقادها رسول الله ÷.

  قال عبد المطلب: لا عليك يا حليمة فما محمد بالذي يعرف.

  وركب في نفر لطلب رسول الله ÷ فسمع نداء في جو السماء: إن لمحمد ربا لا يخذله ولا يضيعه.

  قال عبد المطلب: ومن لنا به أيها الهاتف؟

  قال: هو بوادي تهامة عند شجرة كذا.

  فأقبل عبد المطلب وتلقاه ورقة بن نوفل⁣(⁣٤)، فساروا، وأقبل أبو مسعود الثقفي وعمرو بن


(١) نهاية صفحة [٢٠ - أ].

(٢) في (أ، ب، ج): ثم رفع.

(٣) أي صيحات.

(٤) هو: ورقة بن نوفل بن عبد العزي، حكيم جاهلي من قريش، اعتزل الأوثان قبل الإسلام، وامتنع عن أكل ذبائحهم وتنصر، وقرأ كتب الأديان، وأدرك أوائل عصر النبوة، ولم يدرك الدعوة، وهو ابن عم خديجة بنت خويلد أم المؤمنين. انظر: دلائل النبوة للبيهقي (٢/ ١٢٠ وما بعدها)، الأعلام للزركلي (٨/ ١١٤ - ١١٥)، الروض الأنف (١/ ١٢٤ - ١٢٧، ١٥٦، ١٥٧)، البخاري (١/ ٤، ٥)، مسلم (١/ ١٤١، ١٤٢)، الإصابة (ت ٩١٣٣)، تاريخ الإسلام (١/ ٦٨)، الأغاني (٣/ ١١٩ - ١٢٢)، خزانة الأدب (٢/ ٣٨ - ٤١)، المعارف (٢٧)، مجمع الزوائد (٩/ ٤١٦)، روي عن أسماء بنت أبي بكر أن النبي ÷ سئل عن ورقة فقال: «يبعث يوم القيامة أمة وحده».