[قصة بحيرى: جرجيس النصراني]
[قصة بحيرى: جرجيس النصراني](١)
  ثم خرج به في جماعة من قريش، حتى إذا كانوا بأرض بصرى بين مكة والشام أشرف بحيرى الراهب من صومعته، وقد كان قرأ الكتب السالفة، وعرف بعث رسول الله ÷ وصفته فرآهم مقبلين من مكة على رءوسهم سحابة تسير إذا ساروا وتقف إذا وقفوا، فقال: ما هذه السحابة إلّا على رأس نبي.
  وأمر من عنده باتخاذ الطعام، ونزل القوم عند شجرة حذاء باب الدير، والنبي ÷ مع عمه تحت الشجرة وقد مال فيؤها عليه، ووقفت السحابة عليها، وبحيرا ينظر(٢)، فقال لهم: معاشر قريش أجيبوني إلى الطعام؟ - وأبو جهل في العير - فقال: ما عهدنا هذا منه.
  وأجابوه وأشرف بحيرا فإذا السحابة على الشجرة وفيؤها مائل إلى رسول الله ÷ وقال: هل تخلف عن طعامي أحد منكم؟
  قالوا: نعم غلام يتيم يقال له محمد.
  قال: إنه لا بأس على أمتعتكم فهلموه، فدعوا رسول الله عليه ÷، فجاء إلى جنب عمه أبي طالب، وجعل بحيرا يتفسر فيه العلامات التي عرفها، فلما فرغوا خلا بحيرا بأبي طالب، ثم قال: يا شيخ ما هذا الغلام منك؟
  قال: ابني.
  قال: لا ينبغي أن يكون له أب ولا أم ولا جد في الأحياء.
  قال: صدقت، ابن أخي.
  قال: اتق الله واحذر عليه أعداءك اليهود، ثم بكى بحيرى بكاء شديدا وقام إلى
(١) خبر بحيرى النصراني أورده الكثير ممن صنفوا في السيرة النبوية ومناقبه ÷. انظر: السيرة الحلبية (١/ ١١٧)، الخصائص للسيوطي (١/ ٨٣ - ٨٦)، سيرة ابن هشام (١/ ٢٠٣)، دلائل النبوة لأبي نعيم ص (١٢٥)، الوفاء (١/ ١٣١)، الاكتفاء (١/ ١٩١)، شرح المواهب (١/ ١٩٠)، سيرة ابن إسحاق (١/ ٢ / ٥٣ - ٥٩)، البداية والنهاية (٢/ ٢٢٩ - ٢٣٠).
(٢) في (ج): وبحيرا انظر فيها.