افتراق الأمة
  معتمد على تفسير الحاكم الجشمي التهذيب، وطريقة الحاكم ¥ في الاقتداء بمنارهم، والاهتداء بأنوارهم معلومة، وهذا عارض.
  قد خاض بعض أئمتنا المتأخرون وغيرهم في تعداد الفرق الثلاث والسبعين، منهم: الإمام يحيى، والإمام المهدي @، والقرشي صاحب المنهاج، وما أحسن ما قاله إمام التحقيق الإمام عز الدين بن الحسن # في المعراج ما نصه: أقول وبالله التوفيق: أما تعيين الثلاث والسبعين فمما لا ينبغي أن يحاوله أحد منا إلا بتوقيف، فإنه لا يمكن القطع به وبت الاعتقاد. إلى قوله، وأما معرفة الفرقة الناجية فالطريق إليها حاصلة إلى آخر كلامه.
  وقد علمت أن دين الله لا يكون تابعا للأهواء: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ}[المؤمنين: ٧١]، {فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ}[يونس: ٣٢]، {شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ}[الشورى: ٢١]، نعم وقد صار كل فريق يدعي أن الحق معه، والنجاة لمن اتبعه:
  وكل يدعي وصلا لليلى ... وليلى لا تقر لهم بوصل
  إلا أن نابغة ممن لا مبالاة عندهم بالدين، ومخالفة العقل، والكتاب المبين، ذهبوا إلى تصويب جميع الناظرين، وأغلب هذه الفئة ليس لها مأرب إلا مساعدة أهل السياسة، والتأليف للمفترقين، ولقد جمعوا بين الضلالات، وقالوا بجميع الجهالات، أما علموا أن الله سبحانه أحكم الحاكمين، وأنه يحكم لا معقب لحكمه، وأنه لا هوادة عنده لأحد من خلقه، وأنها لا تزيد طاعتهم واجتماعهم في ملكه، ولا ينقص تفرقهم وعصيانهم من سلطانه: {يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}[فاطر: ١٥]، وقد خاطب سيد رسله ÷ بقوله ø: {فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ١١٢ وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ}[هود: ١١٢ - ١١٣] مع أنه ÷ ومن معه من أهل بدر، فتدبر واعتبر إن كنت من ذوي الاعتبار، فإذا أحطت علما بذلك، وعقلت عن الله وعن رسوله ما ألزمك في تلك المسالك، علمت أنه يتحتم عليك عرفان الحق واتباعه، وموالاة أهله والكون معهم، {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}[التوبة: ١١٩]، ومفارقة الباطل وأتباعه، ومباينتهم {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ