[خامسا: صفة سكوته ÷ عند جواز الكلام]
  لا يتكلم إلّا في رجاء ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رءوسهم الطير، فإذا سكت تكلموا، ولا يتنازعون عنده، من تكلم أنصتوا له حتى يفرغ من حديثه، حديثهم عنده حديث أولهم(١)، يضحك مما يضحكون منه(٢) ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته حتى كان أصحابه يستجلبونهم.
  ويقول: إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فأرشدوه إليّ.
  ولا يقبل الثناء إلّا من مكافئ، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوزه فيقطعه بنهي أو قيام.
[خامسا: صفة سكوته ÷ عند جواز الكلام]
  قال: فسألته كيف كان سكوته؟
  قال: كان رسول الله على أربع: على الحلم والحذر والتقدير والتفكر؛ فأما تقديره: فهي تسوية النظر، والاستماع بين الناس؛ وأما تفكره ففيما يبقى ويفنى.
  وجمع له الصبر في الحلم(٣)، فكان لا يغضبه شيء ولا يستفزه.
  وجمع له الحذر في أربعة: أخذه، واجتهاده الرأي فيما أصلح أمته، والقيام فيما جمع لهم الدنيا والآخرة.
[قصته مع أم معبد وشاتها]
  [٤٤] أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الجديدي إملاء بإسناده عن خالد أخي أم معبد أن رسول الله حين خرج مهاجرا من مكة إلى المدينة هو وأبو بكر ومولى أبي بكر عامر بن
(١) في (أ، ج، د): عنده حديث أوليهم.
(٢) نهاية الصفحة [٥٣ - أ].
(٣) في (ب): وجمع له الحلم في الصبر.